علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

احذروا دبي

أزعم كمتابع للأحداث الاقتصادية أنني شاهد على تطور إمارة دبي منذ أن أعلنت دبي عن تحديث نفسها، وبدأت إمارة دبي بتحقيق مشروعها، ووضح من عام لآخر أنها تتقدم وتحقق نسب إنجاز عالية في الوصول لهدفها، ورغم ذلك فإن آراء معظم الاقتصاديين سلبية، أو في أحسن الأحوال حيادية تجاه الإمارة، فهم يصفون اقتصاد دبي بالهش والقابل للانهيار في أي لحظة، فيما تفاجئهم دبي من عام إلى آخر بتطور غير متوقع، سواء على مستوى النمو المادي أو التطور التشريعي.
ببساطة شديدة جداً، دبي حددت بوضوح أهدافها منذ بداية نموها، فقد اختارت أن تكون مركزاً مالياً ومركزاً خدمياً للمنطقة، وبعد أن نجحت في تحقيق هذين الهدفين، لحقت ذلك أهداف أخرى سعت الإمارة لتحقيقها، وقد نجحت في ذلك.
النموذج المميز لإمارة دبي جعل كثيراً من المدن العربية تحاول الوصول له، ولكن منع من ذلك ما ذكره رئيس التحرير الأستاذ غسان شربل في لقائه مع حاكم دبي سمو الشيخ محمد بن راشد، الذي نشر في هذه الصحيفة، أمس، حيث ذكر أن المانع أمران، هما الفساد والرشوة، وأنا أضيف أمراً ثالثاً وهو سوء التشريعات وتغيرها، وفي معظم الأحوال عدم تطبيقها أو كسرها، وهذا يجعل المستثمر الأجنبي لا يرغب في الاستثمار في مدينة عربية.
ورغم ذلك فإنني لا أنكر بعض النجاحات التي تحققها مدن عربية أخرى لاستلهام تجربة دبي، ومحاولة تطبيقها، وأنصح هذه المدن بأن تسرع في استلهام تجربة دبي وتطبيقها بسرعة.
أتعرفون لماذا أنصحهم بالسرعة؟ لأن هذه المدن حينما تبدأ في تطبيق تجربة دبي ستجد أن دبي ابتكرت إبداعات أخرى جعلت المقلدين لدبي يتراجعون للمرتبة العاشرة، بعد أن اقتربوا من الوصول إلى مركز متقدم، لكن إبداعات دبي تفاجئهم بالسرعة والمرونة. وسأضرب لكم مثلاً بسيطاً، فحينما أدركت دبي نذر وجود أزمة عقارية تصرفت بسرعة عالية جداً عبر تشريعات تتيح لمن يتملك عقاراً في دبي بالإقامة الدائمة لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد أياً كانت جنسيته.
دبي لم تفكر في السيادة التي ترعب كثيراً من حكام مدننا العربية، الذين يعتقدون أن ثلة من رجال الأعمال قادرون على السيطرة على الاقتصاد ومن ثم توجيه السياسة.
ألم أقل لكم احذروا دبي، فأنتم في مدنكم العربية حينما تحاولون تتبع خطوات دبي لتقليدها، فإنها ستفاجئكم بإبداعات لم تتوقعوها، سواء على مستوى التنمية المادية، أو على مستوى التشريع، فحاولوا أخوتي العرب أن تبدعوا لتتجاوزا دبي، وللأسف لا أظنكم فاعلين.