روبرت برغيس
كاتب من خدمة «بلومبيرغ»
TT

أسواق المال وسلوك القطيع

بحسب مؤشر «إم إس سي أي يو إس إيه»، فإن أسواق المال الأميركية قد سجلت مؤخراً ارتفاعاً، ذلك أن الملاحظ هو أن المكاسب التي أعقبت عمليات بيع سيئة والتي وضعت الأسهم على أعتاب التصحيح لم تصاحبها التحذيرات المعتادة من أسواق «وول ستريت» عن «أسعار الأسهم والانتعاش المضلل». لكن بدلا من ذلك، فقد عكست تلك المكاسب قدرا من الحماسة.
أولا، فقد أعد ماركو غاندفال كلونوفيتش، المحلل بمؤسسة «جي بي مورغان تشيس» والمعروف عالميا، تقريراً نشر مؤخراً تحدث فيه عن إمكانية تحول ما يعرف «بالانتعاش الأخير في السوق الهابطة» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى ارتفاع يمتد حتى نهاية العام.
والأسبوع الماضي ذهب تو لي، المستشار بمؤسسة «فندستريت غلوبال أدفايزور» والمعروف بتحذيراته التي يطلقها في الوقت المناسب، أبعد من ذلك بأن كتب في بحث نشر مؤخرا أن «احتمالات حدوث ارتفاع ومنافسة محمومة للأعلى باتت كبيرة». ورغم أن جانبا كبيرا من بحث كلونوفيتش قد ركز على الأساسيات مثل الارتفاع المتوقع في التسويات العينية من قبل الشركات، فقد عمل لي على شحذ همم القائمين على التقنيات. فالنسب المئوية لأسواق الأسهم في سوق «إس أند بي 500» و«راسيل 2000» التي ارتفعت فوق مستوى تحركات 50 يوما و200 يوم غالبا ما تكون بطيئة، وهو ما يشير إلى القاع دائما عندما يحدث ذلك خارج نطاق السوق الهابطة والتي تمر بمرحلة تصحيح، بحسب مراسلة «بلومبرغ نيوز»، كريتي غوبتا.
وبحسب لي، فقد بلغت العائدات على مدار السنوات الثلاث التالية (عندما يرتفع البيع كما هو الحال الآن)، 13 في المائة و19 في المائة مع مكاسب إيجابية في ثمان من تسع حالات. لكن ربما يسخر البعض بالقول إن الوقت الحالي هو الأنسب للبيع نظرا للتفاؤل المفرط للخبراء الاستراتيجيين.
من جانب آخر، قال الكثير من خبراء الطاقة الديناميكية إن الأسوأ في أسواق المال قد مر بعد الانحدار في شهر أكتوبر الماضي. لكن هناك مؤشرات على أن جميع من أرادوا البيع قد باعوا بالفعل. وقد خرج سوق المال «ستيت ستريت غلوبال إنديكس» بمؤشر شهري ليعبر عن ثقة المستثمرين المؤسساتيين العالميين. ولهذا الإجراء بعض المؤشرات لأنه، على العكس من القياس المعتمد على المسح الميداني، يستخدم التجارة الفعلية ويغطي 15 في المائة من أسهم العالم المتداولة تجاريا. ففي شهر أكتوبر، تراجع المؤشر 84.4 نقطة، وهو الأقل منذ ست سنوات. وانخفض المؤشر إلى أدنى مستوياته في فترتين أخريين بالعودة إلى عام 1998 – في نهاية عام 2012 ونهاية 2008 - وفي كل مرة كان السوق يشهد سباقا محموما وكأنه يقول لهم من منكم يرغب في تجربة الاحتمالات القائمة؟
ولكن هل تتجه الصين إلى الإنقاذ؟
سأكون مقصرا لو أنني تحدثت عن الشعور الإيجابي الذي ساد فجأة في أسواق المال، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في العالم أيضا من دون ذكر دور الصين. فباعتبارها ثاني أكبر اقتصاديات العالم، فإن الإعلانات المالية والنقدية هناك تتعمد إحداث تموجات في أسواق العالم. فقد حدث في مرات لا حصر لها في السنوات القليلة الماضية أن بدت أسواق المال والأسهم الصينية، وكأنها في سقوط حر ليعلن بعدها المسؤولون عن خططهم لتحفيز الاقتصاد ليعززوا الأصول عالية المخاطر بمختلف أنحاء العالم. وقد حدث الأربعاء الماضي أن خرج تصريح عقب اجتماع المكتب السياسي برئاسة الرئيس الصيني شي جينبينغ يقول إن الوضع الاقتصادي للبلاد قد تغير، وإن الضغط لأسفل في ازدياد، وإن الحكومة في حاجة لأن تتخذ خطوات مؤقتة لمواجهة كل ذلك.

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»