إميل أمين
كاتب مصري
TT

انتخابات الكونغرس... إلى أين تمضي؟

هل هناك مؤشرات أولية تدل على توجهات الرياح بالنسبة إلى نتيجة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس؟
يرى البعض أن حالة الاستياء العامة والإحباط بين الناخبين من أداء أركان الدولة، الرئاسة والكونغرس، حفّزت تكهنات معظم المراقبين والاختصاصيين لترجيح فوز الحزب الديمقراطي بمجلس النواب دون مواكبة فوز مماثل في تركيبة مجلس الشيوخ.
عادةً ما تكون ولاية «أوهايو» الأميركية هي مؤشر مهمّ في كل الانتخابات الأميركية سواء الشيوخ أو النواب، وحتماً بالنسبة إلى الرئاسة الأميركية... ماذا حدث هناك في الانتخابات المبكرة؟
انتصار جمهوري باهت في الدائرة الانتخابية الثانية عشرة، الأمر الذي أعطى الديمقراطيين أملاً في إمكانية السيطرة مجدداً على مجلس النواب، هذا الانتصار حدث رغم إلقاء الرئيس ترمب بكل ثقله السياسي وراء المرشح الجمهوري هناك.
ولعل ما يقلق الرئيس ترمب في الانتخابات القادمة هو أنه ومنذ فوزه بالانتخابات الرئاسية خسر الحزب الجمهوري في عدة معارك انتخابية ضد الديمقراطيين، كان أبرزها في آلاباما الولاية التي تعد حصناً رئيسياً للجمهوريين، بعد أن فاز دوغ جونز بمقعد الولاية في مجلس الشيوخ على حساب «روي مور»، وأيضاً في الدائرة الانتخابية الثامنة في ولاية بنسلفانيا، وخسر الحزب معركة الحكام في نيو جيرسي وفرجينيا.
السؤال الأهم: ما الذي تعنيه خسارة الديمقراطيين بالنسبة إلى ترمب في 2018 و2020 على التتابع والتوالي معاً؟
ليكن الجواب من عند الحدث الأقرب، أيْ انتخابات التجديد النصفي، ذلك أنه إنْ نجح الديمقراطيون في الفوز بأغلبية ساحقة في مجلسي النواب والشيوخ، فإن ذلك يعني أن الطريق مهيأة بدرجة كبرى للبدء في إجراءات عزل الرئيس ترمب، من وراء قضيته «روسيا - غيت»، سيما وأنه ساعتها لن يجد من يدافع عنه في الكونغرس بمجلسيه.
غير أن هناك سيناريو آخر، وهو فوز الديمقراطيين في مجلس النواب بأغلبية بسيطة 50+1، وإخفاقه في مجلس الشيوخ.
بلغة الأرقام الانتخابية في أميركا فإن هاجس ترمب لن يكون مقتصراً على ما ستفرزه الانتخابات النصفية، والعين دائماً على الانتخابات الرئاسية لعام 2020، فخسارة دائرة جمهورية صافية في بنسلفانيا، والخروج من عنق الزجاجة في دائرة محسوبة على حزبه في أوهايو، يدفعان فوراً إلى التفكير في اتجاهات الناخبين في الولايتين في الانتخابات القادمة، خصوصاً أن ترمب في البيت الأبيض جاء بفضل أوهايو وبنسلفانيا؛ فقد حصل على 38 مندوباً في انتخابات 2016 من أصل 306.
أحد الأسئلة الرئيسة في هذه الانتخابات: على من يراهن ترمب للحفاظ على سيطرة الجمهوريين على الكونغرس بمجلسيه؟
يقول العارفون ببواطن الأمور إن الدولة الأميركية العميقة وفي القلب منها تيار اليمين الأصولي الأميركي، كان لها الفضل الكبير في النصر الذي حققه ترمب في انتخابات 2016. وعليه فإن ترمب لا يزال على قناعاته بأن هذه الطائفة من المريدين يمكن أن تقوده ثانية إلى نصر مؤز في 2018 وتالياً في 2020.
يعتمد ترمب على التيارات المسيحية اليمينية، ولهذا فقد حذر في لقاء له في 27 أغسطس (آب) الماضي، خلال اجتماع عُقد في البيت الأبيض مع قادة التيار الإنجيلي الأميركي، من الصورة السوداوية التي يمكن أن تكون عليها الولايات المتحدة حال خسر الجمهوريون سيطرتهم على الكونغرس في الانتخابات النصفية، وقال: «الديمقراطيون سيقلبون كل ما قمنا به، وسيفعلون ذلك بسرعة وعنف».
في هذا الاجتماع طالب ترمب القادة الإنجيليين باستخدام المنابر لمساعدة الجمهوريين في الفوز بالانتخابات النصفية، قائلاً: إن لديكم أناساً يعظون تقريباً 200 مليون شخص أو 150، وفي غير أيام الآحاد 100 إلى 150 مليون شخص... وقد كان الرد من الحاضرين «إننا نحبك أنت وأسرتك، ونثق بأنك قدمت أموراً مدهشة العامين السابقين»
قد يكون جيل الألفية هو الجواب، وهو الجيل الذي وُلد في الفترة من عام 1981 حتى عام 1996، وهؤلاء حسب الإحصائيات الأميركية يبلغون عدداً أكبر من «جيل فترة ازدهار المواليد»، ويقول المراقبون إنهم قد يتركون بصمات مؤثرة على انتخابات التجديد النصفي.
بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 الحالي أصبح هناك أكثر من 62 مليون نسمة من جيل الألفية مواطنين أميركيين في سن الاقتراع، ويتجاوز هذا عدد «الجيل إكس»، الأكبر قليلاً، وقُدِّر عددهم وقتها بنحو 57 مليون ناخب.
وحسب التقارير الإخبارية الأميركية فإنه إذا شارك جيل الألفية بأعداد كبيرة هذا العام، وعندما يتم التنافس على جميع المقاعد الخاصة بالنواب وثلث الشيوخ، فإن الجمهوريين قد يفقدون سيطرتهم على الكونغرس، مما يضعف قدرة الرئيس ترمب على تنفيذ جدول أعماله.
في هذا الإطار يقول جون زغبي، خبير الاستطلاعات الشهير لوكالة الأنباء الألمانية، إن «دور جيل الألفية في انتخابات التجديد النصفي المقبلة سيكون محورياً، بغض النظر إذا كانوا سيصوتون أم لا»، ويتابع: «خلاصة القول هي أنهم لا يثقون بالتسلسل الهرمي، ولا يثقون ببطء إنجاز الأمور».
هل هناك علامات أولية تؤكد أننا في مواجهة انتخابات مثيرة وسيكون عليها إقبال جماهيري واضح من الأميركيين؟ الشاهد أن أكثر من 800 ألف أميركي سجلوا أسماءهم للتصويت في الانتخابات القادمة، وذلك خلال اليوم الوطني لتسجيل الناخبين الجدد الأسبوعين الماضيين.
هذا الحدث وصفته مجلة «التايم» الأميركية بأنه رقم قياسي، مشيرةً إلى أنه ضرب الرقم الذي سُجِّل خلال حملة الانتخابات الرئاسية في 2016، والذي بلغ نحو 771 ألفاً، وقد جاءت عملية تسجيل الناخبين قبل أسابيع من الانتخابات.
يعتقد الأميركيون أنها انتخابات برسم الاستفتاء على سياسات الرئيس ترمب، والعالم كله متلهف لمعرفة نتيجة هذه الانتخابات، ذلك لأنها ترسم الكثير من مستقبل أميركا الحائرة ما بين الجيفرسونية والويلسونية، ولا تدري إلى أين تمضي في حاضرات أيامها.