د. شمسان بن عبد الله المناعي
TT

زوبعة مصطنعة

لا مبررات لدينا للحملات الإعلامية وللضجة المستمرة التي أثارتها جهات حاقدة ضد السعودية، حيث تجمعت دول ومنظمات وقنوات تلفزيونية وصحف عالمية لكي تسيء إلى السعودية في مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، رغم أن التحقيقات السعودية والتركية أثبتت أنه لا علاقة للسعودية بها.
ألم تحدث عمليات اغتيال في التاريخ المعاصر حتى لزعماء دول ورؤساء وزراء وصحافيين؟
ألم يُقتل الراحل رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري أمام بصر العالم خلال شاشات التلفاز وكاميرات وكالات الأنباء، وهو الذي أعاد بناء لبنان، والقتلة معروفون ومحكمة العدل الدولية لا تحرّك ساكناً حتى هذه اللحظة؟ ألم يُقتل الراحل خليل الوزير «أبو جهاد» في تونس في الخامس عشر من أبريل (نيسان) 1988، تلك العملية التي نفّذتها المخابرات الإسرائيلية، واعترفت بها إسرائيل ونُفذت على مرأى من زوجة «أبو جهاد» انتصار الوزير، وأبنائه؟ وغيرها من عمليات الاغتيال، أين كانت العدالة ومنظمات حقوق الإنسان في ذلك الوقت؟ هنا نتساءل: لماذا هذه العاصفة في العالم التي أُثيرت والتي صُرفت عليها الأموال لكي تثير الرأي العام العالمي؟ أين كانت منظمات حقوق الإنسان والدول التي تدّعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان؟
وقفت السعودية وبعزيمة وإرادة لإظهار الحقيقة بإعلانها صراحةً مقتل مواطنها جمال خاشقجي، بالإضافة إلى سرعة اتخاذ القرارات من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الحاسمة في تلك القضية، مما أصاب مروجي الحملة ضد المملكة بصدمة كبيرة، وقطعت الطريق أمامهم لاستغلال ما حدث في استهداف السعودية والتحريض ضدها.
إن السعودية أثبتت أنها سارت في الطريق الصحيح منذ الإعلان عن القضية، وذلك لكشف ملابسات الحادث، وأعملت القانون والعدالة للوصول إلى الحقيقة، ولم تتردد في اتخاذ كل ما من شأنه الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة في أنصع صورها، وهي بتلك الخطوات أسقطت خطط الرهانات التي ذهب بها بعض المتربصين بالسعودية. وجاء بعدها خطاب الرئيس التركي إردوغان لكي تتطابق الرواية التركية مع الرواية السعودية، ويتلقى خصومها الصفعة الثانية.
ما عرفوا أن السياسة السعودية الخارجية والداخلية كانت ولا تزال منذ عهد الملك عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة، وإلى الآن، تقوم على الوضوح والشفافية، لا تُخفي شيئاً، فليس هناك أسرار في هذه السياسة، ولم يُعرف عنها أنها وراء تدبير مؤامرة واحدة في سياستها، فهي البلد الآمن، وبذلك أسكتت أصوات من يريد أن يقتنص الفرص للنيل من مكانة السعودية، وهذا ما تأكد في قضية مقتل خاشقجي، إذ بعد أسبوعين من وفاته كشفت السعودية عن كل الحقائق أمام العالم، فليس لديها شيء تخفيه، وأصدرت قرارات عن كل مَن له علاقة بالقضية، والتحقيق مستمر. وأفضل من عبّر عن الأهداف من قضية خاشقجي هو معتصم خاشقجي في تصريحات لقناة «العربية»، عندما قال: «نحن نعرف أهداف الذباب الإلكتروني والأبواق المسعورة التي تهاجم الوطن لأهداف سيئة، ونقول لهؤلاء اصمتوا خاب مسعاكم وخابت نياتكم، هناك جهات وأشخاص تسيّس هذا الموضوع، وتستخدم اسم العائلة والأخ جمال لتمرير أجندتكم المريضة».
هناك من الدول والمنظمات من اتخذ من موت جمال خاشقجي «كبش فداء» لتصفية قضاياهم مع السعودية، حيث بدأت هذه الأبواق منذ أول يوم من اختفاء خاشقجي، بيد أن قوة الموقف السعودي والصرامة التي تميز بها كانت منذ أول يوم من اختفاء خاشقجي، إذ أرسلت السعودية منذ الأيام الأولى فريق تحقيق، وسمحت لتركيا بدخول فريق تحقيق تابع لها، وسمحت لوكالة «رويتر» بدخول القنصلية والتحقيق داخلها وتفتيش كل الأماكن فيها، كل ذلك دلّ على أن السعودية في موقف قوي، وأنها واثقة بأن القضية مدبَّرة من جهة تكنّ العداء للسعودية، ورغم كل ذلك اتخذت إجراءات ضد شخصيات سعودية للتحقيق معهم.
يستهدفون السعودية لأنها تمثل الثقل للعروبة والإسلام، ولسوف تستمر محاولاتهم للنيل منها، بيد أن السعودية لديها تجارب وخبرات كثيرة في التعامل مع مثل هذه الحالات، ولسوف تنجلي الحقيقة كاملة. وتنتهي هذه الزوبعة المصطنعة.