علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

سنستمر

انتهى الأسبوع الماضي مؤتمر مستقبل الاستثمار المنعقد في العاصمة السعودية الرياض، وقد راهن البعض على فشله، فهل فشل المؤتمر؟ واقع الحال يقول إن المؤتمر نجح وتمخض عن فرص استثمارية موقعة بلغت 60 مليار دولار أميركي (255 مليار ريال سعودي) لذلك كان نصيب المقاطعين خفي حنين.
البعض الآخر كان أكثر ذكاء وهدد بالمقاطعة ولكنه في النهاية عرف أنه هو من سيخسر، لذلك لجأ للاحتيال عبر تقليل مستوى التمثيل متمنيا أن يحصل على جزء من الكعكة، أما الدول المتميزة والتي تعرف مصلحة شركاتها فقد أتت بوفود كبيرة تمثل معظم شركاتها التجارية وصناديقها الاستثمارية. في محاولة لفتح خط جديد لبدء تعاون يقوم على المصلحة مستغلة في ذلك غباء المقاطعين الذين أهدروا الفرص لتذهب لغيرهم، فالفرصة الاستثمارية يستفيد منها من يتلقفها لا من يرفضها.
مؤتمر مستقبل الاستثمار أوجد لحمة بين دول الخليج وفتح مساحة للاستثمار بينها، خاصة الدول الخليجية التي تملك المال والخبرة. فقد رأينا تطلعاً إماراتيا للاستثمار في السعودية معتبرين أنها منطقة جذب استثماري، لا سيما أن الإماراتيين يملكون المال والخبرة، لذلك هم يعرفون أن اقتصاد السعودية يمثل 70 في المائة من اقتصاد الإقليم الخليجي، لذا فالسعودية رقم اقتصادي لا يمكن تجاهله.
بالتأكيد السعودية ليست الأولى عالميا في مجال الاقتصاد ولكنها تسعى حثيثا لخلق مكانة تليق بها عبر تطوير صناعاتها واقتصادها، والسعودية تنتج أكثر من عشرة في المائة من إنتاج النفط العالمي، لذلك هي رقم لا يمكن تجاوزه في إنتاج الطاقة، نجح مؤتمر مستقبل الاستثمار عبر توقيع الاتفاقيات النهائية وعبر توقيع اتفاقيات التفاهم التي يمكن أن تصبح مشاريع على الأرض فيما بعد، المتميزون وحدهم هم من كثفوا حضورهم في المؤتمر السعودي محاولين أن يحصلوا على فرص استثمارية أو على الأقل أن يفتحوا آفاقا مستقبلية للاستثمار.
مهما عظمت الأحداث فإن العالم يتجاوزها ليسير للأمام فطبيعة النفس البشرية تبحث عن الأفضل وتتجاوز المعوقات وليس هناك حدث أكبر من الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، ولكن العالم تجاوزهما ليضعهما خلف ظهره متقدماً إلى الأمام. والأحداث في الشرق الأوسط وإن كانت جسيمة فلا بد للإقليم أن يتجاوزها لأن دوام الحال من المحال، وديدن الحياة نسيان الماضي والعيش في الحاضر وإلا لما توحدت أوروبا بعد حروب طاحنة.