علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

محكمة

يعاني عالمنا العربي من القضاء، وأنا هنا لا أتكلم عن النزاهة من عدمها ولكني أتكلم عن طول مدة التقاضي، فإطالة مدة التقاضي تعطّل مصالح الناس، وقد يقول قائل إن القضاة محقون في إطالة أمد التقاضي لأنهم يريدون الوصول إلى الحقيقة، وأنا لا أنكر ذلك في بعض الحالات مثل قضايا الأحوال الشخصية التي يكون فيها إطالة أمد التقاضي واجباً على القاضي، لأن الأطراف المتخاصمة قد تصل إلى حل أو حلول إذا طالت مدة التقاضي.
ولكنّ هناك قضايا لا تحتاج إلى إطالة المدة مثل القضايا التجارية التي قد يستغرق التقاضي في بعضها من ثلاث إلى خمس سنوات، والسبب تباعد مواعيد الجلسات الذي لا فائدة منه، وهنا من الممكن أن نخصص محاكم لكل نوع من أنواع القضايا مثل محاكم جنائية، ومحاكم تجارية، ومحاكم مرورية، ومحاكم للأحوال الشخصية، وإضافة محاكم أخرى كل ما استدعى الأمر ذلك أو جدّ جديد مثل محاكم الجرائم الإلكترونية.
وبما أننا بصدد إنشاء محاكم خاصة للقضايا المتشابهة أو التي تحت عنوان واحد فإنني أقترح محكمة خاصة بكبار الشخصيات، فكبار الشخصيات لهم منافذ مخصصة في المطارات العربية والمستشفيات، لذلك كعامة وأنا واحد من العامة لم أرَ وزيراً يراجع في مستشفى أو يقف في طابور في مطار عربي، وما دام الأمر كذلك فإن إنشاء محكمة خاصة بكبار الشخصيات سيريح المنفّذين المحليين من محافظين وشرطة.
إذ إن مثل هذه المحكمة سيتم اختيار عتاة القضاة لها الذين يتمتعون بشخصية قوية، مما يمكنهم إصدار الأحكام بعدل واستقلالية، وبعد أن تصدر الأحكام تحال إلى القضاء التنفيذي الذي يجبر من صدر ضده الحكم على أن ينفّذ أحكام القضاء أو تُوقَف جميع مصالحه في الدولة. مثل هذه المحكمة سترفع الحرج عن المنفذين التقليدين، فأنتم تعرفون أن كبار الشخصيات يتمتعون بنفوذ واسع في أجهزة الدولة، وهم حريصون على خلق صداقات في الأجهزة التي يتعاملون معها، وهذا نوع من الذكاء الاجتماعي يمكّنهم من خلق نفوذ في جهات يحتاجون إليها.
فإذا وضعنا محكمة خاصة بكبار الشخصيات فإننا سنحمي المتعاملين معهم من أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة من جور ذوي النفوذ وظلمهم لأنك إذا أعطيت مثل هؤلاء حقوقهم في وقت قياسي وقصير فأنت تساعد اقتصاد الدولة على النمو وتساعد في عودة الحقوق إلى أصحابها مما يخلق طمأنينة ويجعل الاقتصاد يزدهر. لو أن جامعة الدول العربية تبنّت هذا الاقتراح البسيط ونجحت فيه، ألا يكون ذلك أفضل من تبني قضايا كبيرة ثم تفشل في حلها؟