علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

تطور النصب

مثل أي شيء آخر في الحياة تطورت عمليات النصب والاحتيال متماشية مع تطور المجتمعات، ففي كل زمن يغير النصابون طرقهم لتتكيف مع ظروف المجتمع، وفي النهاية هدفها كسب المال بطرق غير مشروعة. في الفترة الحالية تمر موجة نصب واحتيال مستفيدة من التطور التقني وحب الناس لأسواق المال ومعرفتهم أنها ذات عائد جيد متى أُدِيرت باحتراف، فبدأ النصابون يتصلون على الناس ويعطونهم اسماً وهمياً لشركة مالية غير موجودة، ويبدأون بعرض ما لديهم من فرص، ثم يطلبون تحويل مبالغ مالية ليديروها ويأخذوا عمولتهم ويعطوا العميل مكاسبه، ولكن كل ذلك يذهب أدراج الرياح؛ إذ يذهب الجمل بما حمل.
ومثل هؤلاء يسهل كشفهم لأنهم غير محترفين؛ ففي الأسبوع الماضي اتصل عليَّ أحد هؤلاء ومِن أول سؤال اكتشفت أنه نصاب غير محترِف؛ إذ كان سؤاله الأول عن حسابي وفي أي بنك، حينها سألته هل أنت مرخَّص؟ ومرخص تعني أنه «يحمل شهادة تؤهله للعمل في إدارة المحافظ»، بالطبع لم يجبني فتركته يسترسل في أسئلته الغبية، وفي النهاية عرف أنني لستُ ممن يستهدفهم.
في اتصال آخر، هنأني المتصل بفوزي بمبلغ 200 ألف ريال (53.3 ألف دولار) ثم طلب مني أن أحوِّل على حساب معين 200 ريال (53.3 دولار) ليعرف رقم حسابي، ضحكتُ من أعماقي وأغلقت السماعة. في الأسابيع الماضية راجت عبر «الواتس آب» طلبات من مجهولي الهوية يطلبون من عملاء البنوك تحديث حساباتهم ويضعون رقم اتصال هاتف جوال، بينما البنوك لها قنوات رسمية وهواتف ثابتة ومعروفه لدى العملاء، بحيث لا يتعاملون مع غيرها، ومع ذلك قامت اللجنة التوعوية في البنوك السعودية بإرسال كثير من الرسائل النصية التي تحذر عملاء البنوك من التعامل مع الجهات المشبوهة، وحقيقة فقد أدت دوراً مميزاً في هذا الشأن.
ولكن يبقى السؤال: هل التحذير وحده كافٍ؟ في ظنِّي أن التحذير وحده غير كافٍ ويجب تتبع هذه الأرقام حتى تصل الجهات المختصة لمن هم خلفها، وهذا الأمر ممكن تقنياً؛ فأتمنى من الجهات الأمنية التوعية بالطرق والأرقام التي يمكن التبليغ من خلالها عن هؤلاء، لا سيما أن هناك تطبيقات إلكترونية ممكن التبليغ من خلالها؛ ففي السعودية يوجد تطبيق «كلنا أمن»، ومثل هؤلاء النصابين المحترفين يتصلون على سبيل المثال من دولة معينة على دولة أخرى مما يستدعي الأمر تطوير العمل العربي الخاص بالجانب الاقتصادي حتى يمكن محاصرة هؤلاء والقبض عليهم.