كاميليا انتخابي فرد
كاتية إيرانيّة
TT

لماذا لا يستطيع المسلمون أن يفيقوا؟!

لسنوات وسنوات، لم يكن رد فعل المسلمين تجاه الأعمال الإجرامية التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين العزل سوى الصمت. ربما يصدر عدد قليل من تصريحات الإدانة العلنية عن بعض الحكومات المسلمة وقد ترسل بعض المساعدات إلى غزة. بيد أنه لم ينظر بصدق أبدا إلى احتلال الأراضي الفلسطينية ولم يحصل أن أصبح شغلهم الشاغل في أي سنة من السنين.
وبينما تنشغل الشعوب في العالم الإسلامي بكثير من الأمور، يتوقع أن يعطى قدر أكبر من الاهتمام للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وبقدر ما يثار من اهتمام حول بعض الانتهازيين المختلين عقليا من القادة الإرهابيين، لا نرى اهتماما كبيرا حول الكارثة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يوما ما كانت «القاعدة» وتابعها زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر، الذي أطلق على نفسه خليفة المسلمين، والآن أصبح هناك رجل آخر باسم جديد وجماعة إرهابية تابعه له يسمي نفسه الخليفة. وباسم الإسلام يقتل مئات الآلاف من الأبرياء وقادتهم مصابون بجنون العظمة بما يكفي للاعتقاد بأنهم مهتدون لإقامة دولة إسلامية.
نتذكر جيدا ما فعلته طالبان في أفغانستان وضد الشعب الأفغاني. فلا ننسى مجزرة هزارة التي قاموا بها، وإعدامهم للآلاف من خصومهم مما جعلهم الحكومة الأكثر وحشية في أواخر التسعينات.
لا يزال العالم يتذكر جيدا جرائم طالبان و«القاعدة» ضد الأفغان وما تبعه من هجوم مروع على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (أيلول)، عام 2001. والذي راح ضحيته أكثر من 3000 شخص جراء انهيار «البرجين التوأمين».
تسبب صمت العالم ولا مبالاته تجاه الأفغان في الحدث التالي في الولايات المتحدة وزرع بذور الإرهاب التي تواجهنا في الداخل والخارج. واليوم، هناك جماعة أخرى تسمي نفسها «داعش»، تتبنى ذات هدف طالبان وغايتها في إقامة حكومة إسلامية ومحاربة المسلمين الآخرين.
ما فعلته طالبان في أفغانستان مقارنة بما تفعله «داعش» وشركاؤها في سوريا والعراق، يعطينا انطباعا عما قد يفعلونه مع الأناس الأبرياء إذا نجحوا بالقوة في إنشاء دولتهم.
وبينما ننشغل في التحدث والكتابة عن مثل أبي بكر البغدادي أو الملا محمد عمر اللذين استفادا من فراغ السلطة والأمية والفقر، تلعب بعض القوى الكبرى دورا كبيرا خلف الكواليس.
تقوم تلك الجماعة المروعة، مثل الوحوش، بتنفيذ الإعدامات علنا بحق الأبرياء وتأكل أعضاءهم، وهو ما يمنعنا من سماع أصوات الأطفال الفلسطينيين وهم يموتون جراء عمليات القصف الثقيل.
إذا كان هؤلاء الإرهابيون حريصين حرصا كبيرا على الإسلام وعلى العدالة، لماذا لا نرى احتجاجهم على ما يحدث للفلسطينيين أو للأقلية المسلمة في بورما التي يجري إعدامها بسبب معتقدها ودينها؟ ما الذي يجعل هناك فارقا بين حث المقاتلين على الذهاب إلى سوريا والعراق وليس بورما أو الوقوف ضد إسرائيل للدفاع عن الفلسطينيين؟ إذا كان يمكن للجماعات الجهادية الإرهابية العالمية في الشيشان وإنجلترا وفي جميع أنحاء العالم الوصول إلى سوريا والعراق وأفغانستان، لماذا لا يمكنهم أن يقفوا ضد العنصريين في بورما أو ضد إسرائيل؟!
إنني لا أقول ولا أشجع أي شخص على فعل أي شيء في أي مكان. إنني أثير مجرد تساؤل بسيط، من أجل فهم ما الذي يجعل مكانا مثل العراق وأفغانستان مغريا للجماعات الجهادية العالمية، مثل «القاعدة» وطالبان والآن داعش، أكثر من أي مكان آخر.
ببساطة يعد القتال من أجل الإسلام وضد «الكفار» غطاء، ما لم يكن ذلك منصة حقيقية لهم لإظهار قدراتهم وعنايتهم وتعاطفهم الحقيقي مع الإسلام.
يجب أن نشعر بالقلق بشأن «داعش» أو أي جماعة أخرى راديكالية مسلحة قد تظهر في المنطقة وتشكل تهديدا حقيقيا على ديننا وعلى وحدة المسلمين. وبقدر استمرار تلك النزاعات، يمكن للنظم القمعية أن تستفيد منها في سحق المعارضة باسم محاربة الإرهاب، وبالطبع تواصل إسرائيل الاحتلال وتقتل الفلسطينيين لأن المسلمين منشغلون بطموحاتهم في الصراع على السلطة في المنطقة. وصف محمد إقبال لاهوري وضع المسلمين بشكل جميل في قصيدة شهيرة طالبا من المسلمين أن يفيقوا من سباتهم العميق الذي دام لما يقرب من مائة سنة، متسائلا: لماذا لا يستطيع المسلمون أن يفيقوا؟!