باري ريثولتز
بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
TT

الدين والسياسة والاستثمار

كتبت في ما مضى مقال رأي نشر العام الماضي، تساءلت فيه عما إذا كان ينبغي على الناس شراء صناديق المؤشرات المتداولة استناداً إلى قيم دينية. ليست لديّ مشكلة في سعي الناس إلى الإحساس بالرضا عن استثماراتهم، لكنني أريدهم أيضاً أن يدركوا مدى تأثير اختياراتهم على عائداتهم.
واليوم، أريد أن أرى ما فعله مؤشر البورصة «إنسباير غلوبال هوب لارج كاب إي تي إف»، المصحوب بكلمة «بليس» المختصرة، في عائداتهم. أولاً، إن العثور على الصندوق المناسب ليس بالأمر الهين، لأن ممتلكات الصندوق تتكون من 50 في المائة أوراق مالية داخل الولايات المتحدة، و40 في المائة أوراق مالية في دول نامية، و10 في المائة في الأسواق الناشئة. ويستثمر الصندوق في شركات برأسمال يفوق 5 مليارات دولار أميركي، والمؤشرات الأقرب للمقارنة هي مؤشر «بلاك روك إنكس شيرز، وورلد تي في تي» أو «ستيت ستريت كورب إس بي دي آر 500 إي تي إف تراست».
ويتأخر الصندوق عن كلا المؤشرين في العائدات بثلاثة شهور وستة شهور وعام، منذ تأسيسه في 28 فبراير (شباط) 2017.
ويتمثل العامل الثاني في تكلفة صندوق «إنسباير»، البالغة 0.61 في المائة، وهي أكثر من ضعف منتج مؤشر «بلاك روك»، التي تبلغ 0.24 في المائة، وهي أعلى بأقل من نصف في المائة من منتج مؤشر «ستيت ستريت»، وهو ما يمثل عبئاً كبيراً على العائدات لفترة طويلة من الزمن.
فلسفتي الاستثمارية هي أن غالبية سنداتك المالية يجب أن تكون في المؤشرات منخفضة التكلفة، ويجب أن تشعر بالحرية في ألا تكون بعض سنداتك ضمن مؤشرات الأسهم، لكن أتمنى لو أن لديك سبباً وجيهاً يجعلك تبتعد ببعض النسب المئوية عما يبدو مؤكداً إلى شيء قد يبدو أو لا يبدو بديلاً أفضل. كنت دوماً أميل إلى نموذج وعامل «فاما فرينش»، فيما يخص القيمة والحجم والنوعية. وإن أردت الحياد بعيداً عن ذلك، فيجب أن يكون لديك سبب وجيه يمكن الدفاع عنه.
ولذلك، يمكنك التصرف بحرية في 5 في المائة من سنداتك المالية في المغامرات، مثل المضاربات أو في الاستثمارات الموجهة، لكن الابتعاد عن أسهم «بيتا» أو عائدات الأسواق المناسبة، سعياً للوصول إلى عائدات استثمارية أعلى، مثل سندات «ألفا»، أو لأي عوامل أخرى، سينطوي على كثير من المخاطر.
في الحقيقة، تتعقد الأمور عندما يعتمد التحول في السندات المالية على عوامل أخرى غير الأداء والسياسة والاستثمار المستدام، وإدارة الشركات والدوافع الاجتماعية، فكل تلك الدوافع تأتي مع حلول وسط.
ومن ضمن السندات ذات العوامل غير المالية التي لاحظتها كانت سندات «بوينت بريدج جي أوبي ستوك تراكر إي إف تي». وقد حملت تلك السندات اسماً مختصراً هو «إم إيه جي إيه»، وشعارها هو «استثمر سياسياً»، وهو الشعار الذي يقول كثيرون إن له نتائج عكسية. وبحسب وكالة أنباء «بلومبيرغ»، فإن سندات «آي تي إف» لا تستثمر سوى في الشركات الموالية للرئيس دونالد ترمب وللحزب الجمهوري، وليس بالضرورة في الشركات ذات الربحية الكبيرة أو الأسرع نمواً أو ذات العائدات والأرباح الجذابة، أو لأي سبب متعلق بالاستثمار. الحقيقة هي أنها تختار الشركات التي قدمت تبرعات أكبر للمرشحين الجمهوريين.
ما أغرب تلك الاستراتيجية الاستثمارية! فذلك التفكير قد يرضي احتياجاً وميلاً عاطفياً معيناً، لكنه لا يصلح في التجارة. وفي هذا السياق، أوضحت العام الحالي أن الشركات التي حاربتها الإدارة كانت أفضل أداء بكثير من الشركات التي أحبها.
رد الفعل غير المحسوب سيكون: ماذا عن البيئة وعن منتجات الاستثمار البيئي والاجتماعي؟ الإجابة القصيرة هي أن الجانبين الأول والثالث من استثمارات البيئة الاجتماعية المتعلقة بالإدارة وثيقا الصلة بالأداء.
السياسة والدين كلاهما تحكمهما العاطفة، ولذلك إن كان يعنيك هذان الأمران كثيراً فيمكن أن تنعكس سماتهما على تصرفاتك، بأن تكون شخصاً لطيفاً في تعاملاتك، وليس عند اتخاذ قرارات استثمارية.
- بالاتفاق مع «بلومبيرغ»