حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

مسلسل «الهيبة»: حسن نصر الله وتيم الحسن!

الدراما الفنية عادة ما تعكس واقعاً بأسلوب فني. تختلف الأساليب التي يتم بها تحقيق ذلك، ولكن القاعدة تبقى واحدة.
هناك مسلسل تلفزيوني لافت لقي متابعة جماهيرية عريضة في شهر رمضان الماضي، وهو مسلسل «الهيبة»؛ بطولة تيم الحسن، وهو، باختصار، يصور «بطولة» رجل زعيم عصابة، و«يمجد» خروجه عن القانون وتوغله في الأعمال المخالفة من تجارة سلاح ومخدرات وقتل واعتداء.
والعجيب أن العمل «أصر»، وفي جزء ثان، على «تأصيل» فكرة نجومية وبطولة الخارج عن القانون. ولم يكن غريباً أن تكون أحداث المسلسل واقعة في لبنان، فاليوم لبنان يمثل الحالة النموذجية لوصول الخارج عن القانون إلى رأس الهرم السياسي في البلاد. فحسن نصر الله وتنظيمه الإرهابي المعروف باسم «حزب الله»، ميليشيات إرهابية عالمية (مصنف من معظم دول العالم بذلك)، ومتهم باغتيال عدد غير بسيط من الشخصيات السياسية والإعلامية، ويؤوي مطلوبين للعدالة، ومتهم بالاتجار في المخدرات وغسل الأموال وتمويل الإرهاب. وهذه مسائل معروفة للجميع، ومع ذلك يتم «تبييض» كل ذلك تحت اسم «المقاومة»، تماماً كشخصية «جبل» بطل مسلسل «الهيبة»... إنه يحيي المنطقة بأسلوبه وطريقته.
لعل الأدب الإنجليزي هو أول ما أبرز شخصية الخارج عن القانون في صورة البطل روبين هود الذي كان «يسرق» من الأغنياء ليعطي الفقراء، وهو المبدأ نفسه الذي كانت تروج له وسائل الإعلام في نظام الانقلاب في قطر عن طريق قناة «الجزيرة»، عندما كانت «تبرر» أفعال زعماء تنظيم القاعدة الإرهابي، وأن غايتهم تبرر وسائلهم؛ بحسب ما كانت تروج وقتها.
وهوليوود هي الأخرى كان لها النصيب اللافت والمهم في إظهار بطولة شخصية الخارج عن القانون، مثل أحداث الغرب الأميركي المعروفة بـ«أفلام رعاة البقر»، والتي صورت «Lawless Societies» مجتمعات بلا قانون بطلها الخارج عن القانون، فبدأ التعاطف مع الشخصيات الخارجة عن القانون بشكل أكبر، حتى كان فيلم «قضية توماس كراون» بطولة ستيف ماكوين؛ المجرم الأنيق الذي كان الكل يتابع مشاهد الفيلم وينتظر أن يتم القبض عليه، إلا أن المشاهدين في السينما خلال عرضه الأول أصيبوا بالدهشة والذهول وهم يرونه في الطائرة مغادراً بنجاح ولم يتعرض للقبض عليه وأتم «نصبته» بشكل كامل، ولأول مرة في السينما يمجد اللص وبشكل أنيق.
خطورة مسلسل «الهيبة» أنه يعكس واقعاً حقيقياً في لبنان الذي يعيش فيه قبضايات السياسية بالذراع على حساب الدولة والقانون وبشكل يومي. فتصبح سلطة الشارع أهم وأقوى من سلطة العدالة والقضاء. وهي حالة قابلة للانتشار وبشكل «عشوائي» ما دام «البطل» يظهر ممجداً وبلا عقوبة، فالكل سيرغب في تقليده. مسلسل «الهيبة» هو الواجهة الدرامية لحال «حزب الله» في لبنان لا فرق بينهما... كلاهما يمجد الخروج عن القانون والإجرام.
ولكن الإجرام يبقى إجراماً مهما تم تزيينه. وهذا هو الدرس الذي يجب أن نتذكره دوماً.