علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

تكامل

بعد استقلال الدول العربية عن الاستعمار، سواء كان الفرنسي أو الإنجليزي أو الإيطالي، وبعد قيام الدولة القطرية بدأ مفكرو العالم العربي ومثقفوه ينادون بالوحدة بين الدول العربية، فيما كان المفكرون الإسلاميون يطمحون بأكبر من ذلك وينادون بالخلافة الإسلامية. أبناء جيلي أدركوا آخر صيحات القذافي المنادية بالوحدة والتي كان يسخر منها بقية زعماء العالم العربي، وذلك أن القذافي كان يطمح للزعامة لا إلى تحقيق مصلحة الشعوب. ومن نكاته أنه حينما طلب الوحدة مع مصر نصب السادات رئيساً لمصر وليبيا، فيما احتفظ بحقيبة وزير الدفاع بغية الانقلاب على السادات، لكن السادات رفض كل هذه الأطروحات لقراءته الصحيحة لنية العقيد.
بعد ذلك انخفض سقف طموحات الشعوب والقادة لتطالب بالاتحاد بدل الوحدة وحتى هذا الأمر لم يتحقق، الشعوب لم تعد تطالب لا بالوحدة ولا بالاتحاد، ولكنها بدأت تطالب الدول القطرية العربية بالتكامل، والشعوب حريصة على مسارين للتكامل، الأول مسار التعليم؛ فلا يمكن أن ندرس أن للذبابة 4 أرجل في المشرق العربي و6 أرجل في المغرب العربي. والمسار الثاني هو التنسيق الاقتصادي؛ فالاقتصاد يمس الأفراد مباشرة ويؤثر على معيشتهم ودخلهم. فكلما ارتفعت التجارة البينية بين الدول العربية كان أفضل لشعوبها رفع التجارة البينية، وخلق مناطق حرة. وخفض الجمارك بين الدول يحتاج إلى اتفاقيات وقرارات على مستوى القادة واتفاقيات تقنية لتنفيذ الاتفاقيات الاستراتيجية.
أقترح في هذا السياق أن ننشئ بورصة عربية لتداول الأسهم، لأن مثل هذا الأمر لا يحتاج إلى الكثير من الجهد، فقط يحتاج إلى قرار سياسي وشركة مقاصة، وإيداع يكون رأسمالها مقسما بين الدول العربية حسب وزن كل سوق فيها. بعد ذلك يأتي دور الوسيط، وهذا من أبسط الأمور لأنه متاح، ففي كل سوق عربية وسيط، وهذا الوسيط يمكنه أن يعمل في البورصة العربية المقترحة، وأنا هنا بسّطت الاقتراح لأنه في ظني بسيط، فالبورصة ببساطة عبارة عن بائع، ومشترٍ، وسيط، ومنظم. ويمكن أن يجتمع خبراء هيئات سوق المال في الدول العربية ويحددوا المعايير التي في ضوئها يمكن لسهم شركة معينة أن يدخل إلى البورصة العربية والأسس والمعايير التي في ضوئها يمكن إخراج هذا السهم من البورصة، ويمكن اختيار سهم الشركة لدخول لهذه السوق عبر معيار الربحية والتوزيع المنتظم للأرباح، وحجم رأس المال وغيرها من المعايير. ألا ترون معي أن مثل هذا الأمر أهم وأنفع من اتفاقيات اقتصادية كبيرة لكنها لا تطبق.