زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

الخيال الممكن... التحديات والحلول

يشعر الزائر للمملكة العربية السعودية بحراك ثقافي وسياحي يموج في كل أركان المملكة، من خلال ندوات ومهرجانات ثقافية، ومحاضرات ومعارض سواء في الداخل أو الخارج. ونفهم من خلال كتاب «الخيال الممكن» أن هناك تحديات كبيرة كانت تواجه الحفاظ على التراث الأثري للمملكة وتنميته والاستفادة منه؛ وكذلك تنمية الوعي القومي بقضايا الحفاظ على التراث الحضاري سواء المادي أو المعنوي. ويستعرض الكتاب كيف استطاع الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أن يضع الحلول مع كتيبة عمل واعية بمهامها العظيمة من أجل إحداث الفارق والنهضة التي نراها اليوم في مختلف المناطق التراثية والأثرية بالمملكة. لقد تم في هذه المنظومة الرائدة إدماج التراث الحضاري الثري والأصيل الذي تحظى به المملكة العربية السعودية، والمتمثل في مواقع أثرية شهيرة وأخرى غير معلومة؛ ومتاحف عديدة ومتنوعة. وكان قد جمع الأمير سلطان بن سلمان بين صناعة السياحة وتحديثها وتطويرها كي تلبي احتياجات المواطن السعودي وبين الحفاظ على التراث الحضاري وتوظيفه واستثماره.
لقد ساهمت التحولات الفكرية التي قامت بها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والشراكات التي عقدتها على المستويين المجتمعي والمؤسسي، في صياغة عدد من المفاهيم والرؤى العلمية من أجل النهوض بشكل ميداني بالسياحة الوطنية والتراث الحضاري الوطني كصناعة متكاملة الأبعاد وعلى كل المستويات الاجتماعية والدينية والاقتصادية. وهكذا دخلت الهيئة إلى غمار المرحلة الأهم في مسيرتها الحافلة، وكانت تلك هي مرحلة التحديات الكبرى في العمل الميداني من أجل بناء صناعة السياحة الحديثة التي تمخضت عن تحويل تلك الرؤى والمضامين والأهداف والخطط إلى إنجازات علمية مبهرة على أرض الواقع السعودي.
تمكنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من احتواء الصعوبات والتحديات والسيطرة عليها وتحويلها من عوامل إعاقة إلى أسباب تدعو إلى الإنجاز وبنجاح منقطع النظير... وقامت الهيئة بتحديد خطوط التماس كي تطبق أسلوباً في تحويل المراحل إلى تكامل، وتعظم من شأن الاستثمار السياحي وسد الفجوة بين الواقع والحلم، والنجاح في تطوير المنتجات والخدمات السياحية، وتحسين البنية التحتية لخدمة المسافرين، وكذلك للحفاظ على التراث الحضاري الوطني والاستثمار الأمثل للكنوز المدفونة في المملكة العربية السعودية، وكذلك تطبيق برامج ناجحة لإحياء التراث العربي مثل برامج «لكيلا تندثر الجذور» وبرنامج «عمران».
وقامت الهيئة كذلك بحماية التراث من تنقيبات التعدين، ثم قامت بحماية المواقع السياحية وتأهيلها، وكذلك حماية المواقع التراثية الوطنية، وكان من بين النماذج المشرفة قصة التعاون بين الهيئة وإمارة منطقة عسير والوزارات المعنية والمجتمع المحلي في حماية المواقع السياحية البيئية في مواقع جبال عسير؛ وتطوير غيرها من المواقع التراثية المهمة، سواء التي تمثل التراث المادي أو المعنوي. وكان التكامل والتعاون بين المؤسسات المختلفة في أبدع صورة في تطوير مطار الملك خالد الدولي، وتطوير مناطق تراثية غرب الرياض. هذه النتائج كانت من الخيال الذي أصبح ممكناً بفضل الأمير سلطان بن سلمان، وجهوده التي ساهمت في الدفع بالمملكة العربية السعودية إلى أخذ مكانتها الكبرى بين دول العالم المهمة التي تحافظ على التراث، وتستثمر في السياحة معاً.