محمد رُضا
صحافي متخصص في السينما
TT

عندك حظ؟

هل هناك بالفعل حظ؟ وكيف ينشأ؟ ومع من؟ هل هو قوّة غير منظورة تتلوّن حسب الشخص؟ فهذا حظه حلو ورائع، وذاك حظه مشهود له بالتعاسة؟ هل هو سهم طائش قد يقع لبعضنا دون البعض الآخر؟
في رأيي، إنه لا شيء في الوجود اسمه حظ. نعم، هناك قضاء وقدر، لكن هذا لا علاقة له بالحظ الذي يرفعه بعض الناس إلى مراتب عليا، ويفرحون به أو يتحسرون. الموجود هو سلسلة من الأحداث التي سبقت وقوع الشيء المعني، ما جعل الشخص يحقق نجاحاً أو فشلاً. الحظ بريء من كل ذلك لأنه ليس موجوداً.
لنقل أنك خرجت من المنزل، لا تريد أن تتأخر عن عملك في هذا اليوم بالتحديد بسبب اجتماع مهم، لكنك تخشى ألا تجد سيارة أجرة في ذلك الحي البعيد الذي تسكنه. وما إن تخرج إلى الشارع، حتى تمر عليك سيارة أجرة تستقلها، فتصل إلى مكتبك سعيداً مطمئناً، تشرب فنجان القهوة وتحضر اجتماع الصباح. وفي هذا الاجتماع، يعهد إليك بملف كنت تتمنى الحصول عليه... قد تشعر هنا أنك ذو حظ يفلق الصخر.
إذا حللنا هذا المثال البسيط، نجد أن السبب في أنك وجدت سيارة بسرعة يعود إلى أن السائق أوصل جارك إلى بيته، ثم استدار ومر بك. وكان يمكن للسائق أن يذهب من طريق آخر، لكنه خشي الزحام. وعندما فعل ذلك، تأخر شخص في الجهة المقابلة كان يبحث عن سيارة تقله إلى المطار. لو عرف السائق به، لما استدار لأن الطريق إلى المطار سيعود عليه بأجر أعلى.
الآن، أنت في الاجتماع. مديرك كان يستطيع إسناد الملف لزميل لك أكثر خبرة، لكن هذا الملف مشروع لم يتبنه المدير بل وصله من فوق. حاول التملص منه، ولم يستطع، لذلك يريد موظفاً غير قادر على إتمامه لكي يؤكد لاحقاً للمسؤولين أنه شكك في نجاح المشروع منذ البداية، ما سيجعله يبدو صاحب رأي سديد وبصيرة ثاقبة؛ أي أنه استغلك وأنت لا تدري.
كل شيء في حياتنا مرتبط بشيء آخر، من ولادتنا إلى وفاتنا، لا شيء خالياً من الحلقات المختلفة والمتصلة بعضها ببعض. هي بالألوف؛ لا وجود للصدف، فكل شيء منظم محسوب من قبل الله تعالى، بما في ذلك كيف حدث أنك بت تفضل شرب الشاي على شرب القهوة، أو العكس.
القصّة التالية حقيقية، وتوازي ما سبق: سائق من أوكرانيا وصل إلى لوس أنجليس على أمل أن يعمل سائقاً لبضع سنوات ويعود بثروة صغيرة. بعد أقل من أسبوع، كان يقود سيارة أجرة. ركب معه في ساعة متأخرة من الليل رجل، وطلب منه إيصاله إلى عنوان سكني. حين وصل، قال للسائق: انتظرني لدقيقة، سأعود إليك، لكن ما إن خرج الرجل من السيارة حتى سارع رجال البوليس بلباس مدني بإلقاء القبض عليه، واقتادوه بعيداً. راقب السائق ما يدور بصمت؛ لم يشأ التدخل، ثم نظر خلفه ووجد أن الراكب قد ترك حقيبة. فتحها، فوجد فيها مائتي ألف دولار. في اليوم التالي، ترك العمل. وبعد يومين، عاد أدراجه إلى أوكرانيا بثروته المفاجئة.