علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

تفاعل

بعد أن أصدرت الحكومة السعودية حزمة الإصلاحات المرتقبة في الأول من يناير (كانون الثاني)، ومنها رفع سعر البنزين والقيمة المضافة، أجمع معظم الاقتصاديين في السعودية على أن البلاد مقبلة على ركود اقتصادي، بحكم أن جزءاً من دخل الأسرة سيذهب لهذه الزيادات، مما يعطل حركة البيع والشراء نتيجة قلة السيولة، وغاب عن بالهم أن الحكومة السعودية تتميز بديناميكية الحركة وسرعة اتخاذ القرار، سواء كان هذا القرار يخص السياسة الداخلية أو السياسة الخارجية. وقد مرت السعودية بوضع مشابه حينما انخفضت أسعار النفط إلى مستوى 9 دولارات بدء من عام 1982، لتتخذ الحكومة السعودية سياسات تقشف واضحة في عام 1985. وبعد أن عادت أسعار النفط للتحسن، عادت الحكومة السعودية للإنفاق، لتدور عجلة الاقتصاد كما هو مطلوب.
الوضع هذا العام مختلف لأن لدينا رؤية هدفها عدم الاعتماد على النفط، وقد جاءت الرؤية واضحة ومعلنة، وذكرت أن المواطن قد يتحمل بعض الأعباء، وهو ما حدث مع الزيادات الأخيرة. ولأن الحكومة السعودية مرنة في اتخاذ القرار، فقد أعقب هذه الزيادات، وبعد 3 أيام فقط، حزمة من الإجراءات لدعم المواطن ليكون قادراً على التكيف مع الوضع الجديد. وبالتحديد في 5 يناير، وهو يوم جمعة - يوم العطلة الرسمية للبلاد - صدرت جملة من القرارات الملكية، منها صرف بدل غلاء معيشة للموظف الحكومي، سواء كان عسكرياً أو مدنياً، يبلغ ألف ريال (266.6 دولار)، وزيادة 10 في المائة لمكافآت الطلاب، بالإضافة إلى تحمل الحكومة القيمة المضافة عن التعليم والعلاج. وقد شملت إعانة الغلاء المتقاعدين والمستفيدين من الضمان الاجتماعي، ولن أكرر ما أعلن فهو منشور ويمكن الرجوع إليه. ما يهمني في هذا الأمر أن هذه المبالغ ستصل للمواطنين، وبدورهم سيقومون بصرفها في السوق، مما يوفر سيولة ويجعل عجلة الاقتصاد تدور، ويبعد عنا شبح الركود.
سأعود للبداية: في اليوم الأول لإعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرؤية، وكنت أحد الحاضرين، أشار بوضوح إلى أن الرؤية تحمل خطوطاً عريضة، وأن البرامج التفصيلية ستصدر تباعاً، وأن الرؤية ليست شيئاً غير قابل للتعديل أو الإضافة أو الحذف، بل أعلن بمرونة فائقة أن الرؤية ستتكيف مع جميع العوامل، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، وهو ما حدث.
صرف بدل الغلاء نصت الأوامر الملكية على أن مدته سنة، مما يتيح للأجهزة المنفذة أياً كانت، سواء في القطاع الخاص أو العام، مراجعة آثارها، هي والزيادات التي تمت على المواطن، وأتمنى على الجهات المطبقة أن تسجل مراجعات فصلية كل ثلاثة أشهر لمعرفة ما إذا كانت هذه الزيادات كافية أو تحتاج إلى الرفع من عدمه، إذ إن هدف الرؤية في المحصلة النهائية هو رفاهية المواطن، والقيادة السعودية حريصة على مواطنيها، ولكن يبقى للأجهزة المنفذة دور فعال في مراجعة الوضع الاقتصادي كل فصل، ومن ثم رفع التقارير للمجلس الاقتصادي، ليتخذ قراراته وفقاً لما يسفر عنه التطبيق.