حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

الفاسد والمفسد!

كما خاضت المملكة العربية السعودية معركة كبرى مع الإرهاب وواجهت بضراوة، الإرهاب بشقيه المسلح والفكري، ها هي الآن تبدأ الحرب على الفساد، وحولت المعركة من معركة شعارات إلى معركة أفعال. وهذه المسألة تقتضي ضرورة التعامل مع «الفاسدين» و«المفسدين»، فلكل فاسد هناك مفسد يفتح له المجال ويمهد له الطريق للفساد ويزيل عنه العقبات.
كل سعودي عقلاني ومطلع وموضوعي يعرف ويدرك تماماً أن أساس المشكلة هو ثقافة الفساد، التي نمت في فترة من الفترات.
الفاسد ضرره عظيم وهائل ومؤذٍ، ولكن المفسد يخلق البيئة والمناخ السرطاني الخبيث؛ فهو الذي يشرعن المال الخبيث، ويطهر المال غير النظيف، ويخلق الشرعية المالية والمصرفية للفاسد. مناقصات كانت «تخلق» من العدم، ويتم صرف مبالغ بأعلى من الاحتياج الفعلي، لأنه لم يكن هناك تقدير ولا قيمة للفارق بين السعر والثمن والتكلفة، فدائماً كانت السلع والخدمات الأقل سعراً تتحول إلى الأعلى تكلفة، وهي مسألة مساندة وحيوية جداً لكل الفاسدين والمفسدين.
تماماً مثل الحرب على الإرهاب، كان لا بد من مواجهة الفكر في الحرب على الفساد، ويكمن التحدي بضرورة وأهمية مواجهة ثقافة الفساد الموجودة في وزارة المالية ومؤسسة النقد والمصارف، لأنها كانت في رأيي أدوات مساندة ومساعدة لكل فاسد منذ تأسيس هذه الثقافة في تلك الحقبة الظلامية السوداء.
معاقبة المتسببين في إرساء ذلك الأمر والعودة إلى جذور المشكلة من الأساس، هي إرساء لمبدأ الحق والعدالة المطلقة، وضمانة لعدم تفويت الفرصة على أحد، لأن ينال جزاءه المستحق على جرائمه والأضرار التي تسبب بها بشكل عظيم وهائل.
معاقبة المفسدين لا تقل أهمية أبداً عن معاقبة الفاسدين، لأنه بذلك يتحقق العدل الكامل، ويتم الوصول إلى عناصر الجريمة جميعها من دون استثناء.
الحرب على الفساد في السعودية خطوة عظيمة وجريئة ومطلوبة وطال انتظارها، وحتى يتم إنجاحها بالكامل، كل الأمل أن تتم معاقبة المسؤولين عن الإفساد، وخلق المناخ السرطاني الخبيث لذلك، وهم أحياء يرزقون.