حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

لهذا نجحت «الخمينية» في الأمم المتحدة

في تقديري أن تقرير الأمم المتحدة الأخير الذي يُحَمِّل «تحالف دعم الشرعية» مسؤولية انتهاكات لحقوق الطفل، إنما يأتي في سلسلة إخفاقات في نزالات إعلامية ودبلوماسية مع اللوبي الإيراني الداعم للانقلابيين الحوثيين في دوائر صنع القرار الغربي، وكذا المنظمات الدولية، ولقد أشار الزميل مشاري الذايدي في مقاله في هذه الصحيفة وعنوانه «الأمم المتحدة في اليمن مع من؟»، إلى اختراقات إيرانية حوثية واستشهد بما كتبه الصحافي اليمني همدان العليي عن اختراق نشطاء من الحوثيين والمتعاطفين معهم «خمينيي» المهجر الغربي، وفلول اليسار، حيث استطاعوا إقناع المنظمات الحقوقية بصدقية اتهاماتهم الموجهة ضد تحالف دعم الشرعية وبراءة الحوثيين الانقلابيين من الانتهاكات الدموية التي يمارسونها في المدن والبلدات اليمنية التي يحتلونها.
وقل الشيء ذاته في ملفات سوريا والعراق ولبنان التي تعيث فيها الميليشيات الخمينية ونفوذها فساداً وتهلك الحرث والنسل، فقد استطاع لوبي الخمينية ومن خلال علاقاته الواسعة مع دوائر صنع القرار الغربية والحقوقية والمنظمات الدولية أن يقود مرافعات ناجحة لها ضربة ثنائية مزدوجة؛ واحدة تدافع وتستعطف وتبرئ حلفاءها في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وأخرى ضد خصومها في المنطقة، وخصوصاً المملكة العربية السعودية.
العامل الثاني في نجاحات لوبي الخمينية «الطائفية» في اختراق دوائر صنع القرار الغربية والمنظمات الحقوقية الدولية، هو في آلية اختيار تمثيلها الدبلوماسي بدءاً من وزير خارجيتها وانتهاء بأصغر موظف في سفاراتها وملحقياتها الثقافية والتجارية والعسكرية والإعلامية، آلية الاختيار التي تمر عبر قنوات معقدة ومناخل دقيقة الفتحات، فلا يُعيَّن في الخارج إلا من يؤمن من شغاف قلبه بالآيديولوجيا الخمينية ويمنحها صفقة اليد وثمرة الفؤاد من ذوي الكفاءات المؤهلة القادرة على التمويه والتدليس وقلب الحقائق، وتحويل صاحب الحق ظالماً دموياً فاتكاً بالأبرياء، والظالم صاحب حق مكلوم مظلوم، وشاهدوا إن شئتم مقطعاً في «يوتيوب» لوزير خارجية الخمينية جواد ظريف وهو يلقي كلمة مسبوكة محبوكة أمام البرلمان الأوروبي، أظهر ببراعة دبلوماسية ولغة إنجليزية متقنة براءة النظام الخميني، وهو الطائفي المحتل المتدخل في دول المنطقة، وشيطانية خصومه في منطقة الشرق الأوسط... هذا ما ظهر على السطح، ناهيك بالجهود المضنية للوبي الخمينية المنتشر كخلايا السرطان في دوائر صنع القرار الغربية، والمؤسسات الإعلامية المؤثرة.
ويقيناً، فإن هذا التأثير والتغلغل والاختراقات التي يمارسها لوبي الخمينية في أغلب دول العالم عامة والغربي خاصة، ما كان ليحقق هذا النجاح الذي أثمر براءة الحوثي وإدانة تحالف الشرعية في قرار الأمم المتحدة الأخير وغيره من القرارات والنجاحات والاختراقات لولا أن آلية التعيين أيضاً خلت من «المحسوبية»، فلا يمثل إيران في الخارج إلا من أثبت جدارته وأهليته وعركته التجارب، ومر من خلال لجان وإدارات تعرف من تنتقي لكل مهمة رجالها.
لما لاحظ عمر بن الخطاب تقاعس بعض رجالات دولته وهمة خصومها أطلق دعوته الشهيرة «اللهم إني أعوذ بك من جَلَد الفاجر وعَجْز الثقة»، وقال مفكر عربي: «نحن أصحاب قضية عادلة محاميها فاشل».