د. شملان يوسف العيسى
كاتب كويتي
TT

تساؤلات حول الإرهاب

نجحت الأجهزة الأمنية السعودية في إحباط محاولة إرهابية جديدة من تنظيم داعش ليلة الاثنين/ الثلاثاء من الأسبوع الماضي للقيام بتفجير انتحاري لمقرين تابعين لوزارة الدفاع في الرياض باستخدام أحزمة ناسفة.
هذه ليست المحاولة الأولى التي تم إحباطها... حيث شهدت السعودية عدة محاولات إرهابية يقوم بها تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة ويتم فيها اعتقال العشرات من الشباب السعودي.
الأجهزة الأمنية السعودية أصبحت قادرة على متابعة وإحباط كل المحاولات الإرهابية الهادفة لتخريب البلد ونشر الفوضى، لكن يبقى السؤال لماذا تتكرر المحاولات الإرهابية، حيث تم اكتشاف العشرات من الخلايا الإرهابية التي تنوي عمل تفجيرات، ومن ثم تم اعتقال شاب سعودي وآخر عربي ما زالا في ريعان شبابهما.
لم يعد من السهل فهم الإرهاب وممارساته وعوامل تشكله وأسباب انتشاره وتوسعه من دون العودة إلى تلك العوامل المتداخلة مثل الأسباب العقائدية والاجتماعية والسياسية والثقافية والإعلامية.
ما يهمنا هو البحث عن عوامل «الكراهية» التي دفعت الشباب للقيام بالعمليات الإرهابية... هل يعود السبب إلى وجود ثقافة مجتمعية حاضنة للفكر المتطرف؟ هنا نحتاج إلى دراسة واعية ومتأنية لمعرفة شخصية الشباب المنخرطين في «العمل الجهادي»، وما هي سماتهم الفردية أو الجماعية لمرتكبي جرائم الإرهاب سواء على الصعيد النفسي أو الانتماء الطبقي.
السؤال هل أصبحت الجماعات الإسلامية المتطرفة تشكل تهديداً للحكم في بلد لا يمكن فيه التهوين من شأن المشاعر الدينية؟
لا شك أن السعودية والمنطقة بأسرها أصبحت تعي تماماً أن جماعات الإسلام السياسي بدأت تشكل تهديداً فكرياً مفرطاً للأمن الوطني، بيد أن المواجهة الأمنية ضد الإرهاب لا تكفي وحدها، فالمطلوب معالجة الوضع الثقافي والتعليمي بكل أبعاده.
والسؤال المطروح هو: ما الأسباب والدوافع التي أدت إلى اندفاع الشباب العربي للقيام بعمليات إرهابية باسم «القاعدة» أو «داعش»؟ هل يمكن التفسير في الاضطرابات النفسية التي قد تدفع الشبان المتخلفين أو المضطربين نفسياً لارتكاب أو التخطيط للعمليات الإرهابية؟
الدراسات الخاصة بالإرهاب في العالم العربي معظمها تركز على التطرف الديني بعد ظهور ظاهرة الإسلام السياسي والصحوة الإسلامية في العالم العربي.
لا نعرف الأسباب الحقيقية التي دفعت بالشباب العربي إلى الانخراط في التنظيمات الإسلامية المتطرفة مثل «القاعدة» أو «داعش»... لذلك تم أخيراً افتتاح المركز الدولي لدراسة الإرهاب في الرياض بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرياض أخيراً... الأمر المؤكد أن هنالك أسباباً خارجية أو داخلية أدت إلى تنامي الخلايا الإرهابية... الحكومة السعودية أعلنت بعد اكتشاف الخلايا الإرهابية الأخيرة أن هنالك أيادي أجنبية تدفع باتجاه إثارة الفوضى وعدم الاستقرار في المملكة.
السعودية ودول الخليج لا تعاني من فقر أو بطالة، بل تعاني من بطالة مقنعة، لذلك لا يمكن قبول الأبعاد الاقتصادية لتفشي ظاهرة العنف والإرهاب.
يبقى عنصر الأبعاد والدوافع النفسية، حيث تلعب الخصائص النفسية دوراً بارزاً في انخراط الفرد في الجماعات المتطرفة.
لماذا يميل بعض الأفراد إلى مصادقة الأصدقاء المتطرفين والمغالين في الدين... هل السبب يعود إلى حالة الاغتراب الداخلي والعزلة الاجتماعية وعدم تكيف الفرد مع محيطه الاجتماعي؟
علينا في الخليج التفكير بشكل جدي عن أسباب تفشي ثقافة الإقصاء والعنف وكراهية الآخر بدلاً من ثقافة الوسطية والاعتدال والحب والسلام واللجوء إلى القانون ورفض العنف، السؤال لماذا لا نجد في مجتمعنا العربي بشكل عام والخليج بشكل خاص شباباً وشابات يدعون إلى ثقافة السلام والمحبة في مجتمعاتنا... لماذا لا تنشر في مجتمعاتنا ودولنا ثقافة السلام والتعايش والمحبة بدلاً من دعوات الحرب والعنف ونبذ الآخر المختلف عنا التي تولد التعصب والإرهاب.
وأخيراً نرى بأن معالجة قضايا الإرهاب تتطلب الحوار المفتوح بين المختصين والمهتمين من الرأي العام حتى نخلق ثقافة جديدة تنبذ العنف وتدعو للسلام والمحبة.