طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

«حسب الله السادس عشر» ينتقد فيروز

طرحت «الميديا» الكثير من الأفكار التي لم يكن من المتصور حدوثها، قبل تلك الحالة من الانتشار الفضائي، بين الحين والآخر تبث لقاءات نادرة، وفي العادة يتم التقاط رأي ساخن، تلك «القفشات» تحظى عادة بنهم الناس وتندرهم، وكأننا نقرأها تحت باب شهير في الصحافة عنوانه «صدق أو لا تصدق».
المطرب محرم فؤاد الذي انطلق عام 58 بعد 5 سنوات من نجومية عبد الحليم محققاً شهرة عريضة، ولكن ظل اسم حليم هو المسيطر، حتى رحيله عام 77، عاش بعده محرم نحو ربع قرن، أجرى الحوار الإعلامي عمرو أديب، أكد محرم أن علي الحجار لا يصلح كصوت منفرد، فهو لا يمكن أن يتجاوز مكانته كأحد أفراد «الكورال»، بينما يصف هاني شاكر بأن عليه أن يغني فقط للأطفال ويبتعد عن الغناء العاطفي.
الزمن طبعاً أكد أن الحجار صوت له مذاق ورصيد ضخم من النجاح، بينما هاني شاكر لا يزال حتى الآن في الساحة متجاوزاً أربعين عاماً مطرباً عاطفياً، ولا أتذكر له أغنية واحدة قدمها للأطفال!
من الممكن مثلاً التفسير بأن محرم غضب من كلمة ما رددها عنه كل من هاني أو الحجار، وأراد أن يردها بأسوأ منها، ومن الممكن أيضاً اعتبار أن هذا هو رأي محرم كفنان كبير له دراية بعلم الأصوات، فهو لم يكن فقط مطرباً شهيراً، بل كان يمارس أيضاً التلحين.
لا يحتل هذا التسجيل المكانة الأولى على «النت»، حيث يسبقه لقاء نادر للفنان الكوميدي الكبير عبد السلام النابلسي، ملحوظة أتحمل مسؤوليتها، نصف ضحكات سينما «الأبيض والأسود» كان مصدرها النابلسي خاصة تلك التي شارك فيها بأداء دور صديق البطل مع فريد الأطرش أو عبد الحليم حافظ، أو تلك الثنائية الناجحة التي جمعت بينه وإسماعيل ياسين، ورصيده يصل إلى نحو أكثر من 150 فيلماً، أشهرها دوره الذي لا ينسى (حسب الله السادس عشر) قائد الفرقة الموسيقية النحاسية مع حليم وصباح وزينات صدقي في «شارع الحب».
النابلسي كان لديه حس أدبي يكتب مقالات وله في مصر محاولات في الكتابة الصحافية، ويقرض الشعر، في التلفزيون اللبناني استضافته الإعلامية الكبيرة ليلى رستم، نهاية الستينات، حيث إن ليلى متعها الله بالعافية قضت ولا تزال جزءاً كبيراً من حياتها الشخصية والمهنية في بيروت.
رحل النابلسي عام 68 وأظن البرنامج سُجل قبل رحيله بأشهر قليلة، كان النابلسي قد فر من القاهرة إلى لبنان بسبب ملاحقات مصلحة الضرائب، بدأ النابلسي في إلقاء قصيدة عن فيروز تحمل إشادة لجارة القمر، يقول مطلعها: «تراتيل قديسة وأصداء كنيسة» وينهيها بهذا البيت: «هي في جبين لبنان غُرة / وعلى صدره دُرة»، ولكنه يضيف أيضاً بعدها «أه لو أطلقت لصوتها عنانه/ ودعمت بالطرب الشرقي كيانه»، تناول النابلسي الصوت الذي تؤدي به فيروز أغانيها، وأكد أنه قال ذلك لعاصي ومنصور الرحباني، وأيضاً لفيروز شخصياً، بينما دافعت عنها بكل قوة ليلى رستم، وقالت الناس تحب فيروز كما هي.
عبد السلام النابلسي لم يتمسك كثيراً برأيه أمام اعتراض المذيعة، وفيروز لا تزال ليس في لبنان فقط ولكن في عالمنا العربي كله غُرة، وعلى صُدورنا جميعا دُرة، والنابلسي الشهير بـ«حسب الله السادس عشر» لا يزال هو إكسير السعادة الذي ينعش قلوبنا بأصدق الضحكات!