«أوقات الشاشة الإلكترونية» الكثيرة تؤثر سلباً على نفسية المراهقين

قضاء أكثر من 3 ساعات فيها يزيد احتمال حدوث مخاطر صحية

«أوقات الشاشة الإلكترونية» الكثيرة تؤثر سلباً على نفسية المراهقين
TT

«أوقات الشاشة الإلكترونية» الكثيرة تؤثر سلباً على نفسية المراهقين

«أوقات الشاشة الإلكترونية» الكثيرة تؤثر سلباً على نفسية المراهقين

ربطت أحدث دراسة نُشرت في النصف الثاني من شهر فبراير (شباط) الحالي في مجلة صحة المراهق «the Journal of Adolescent Health» بين السلوك الخامل والإفراط في «مطالعة الشاشات» المختلفة، وتدهور الحالة النفسية للمراهقين في المستقبل، خصوصاً الذين يقضون أكثر من 3 ساعات يومياً في سلوكيات خاملة، مثل ممارسة ألعاب الفيديو أو القراءة بغرض الترفيه أو مجرد قضاء وقت عشوائي أمام شاشة الهاتف الجوال.

شاشات «مفيدة» و«ضارة»

وأوضحت الدراسة أن التعرض المعتدل للشاشات (بين 60 و119 دقيقة يومياً)، خصوصاً المسُتَثمر منه في الأنشطة التعليمية، مثل القيام بالواجبات المنزلية أو حضور الفصول الدراسية، لا يُمثل مشكلة نفسية. ولكن بشكل عام، فإن غياب النشاط البدني وانتشار السلوكيات الخاملة بين المراهقين في جميع أنحاء العالم أصبحا قضية صحية كبيرة تُهدد الصحة العامة للشباب على المستويين البدني والنفسي. وقد أظهر عدد من الدراسات أن قلة النشاط البدني والوقت المبالغ فيه في استخدام الأجهزة الإلكترونية من الأسباب الأساسية في حدوث السمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية.

وكانت الدراسة التي أجريت في معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في كينغز كوليدج (Institute of Psychiatry, Psychology and Neuroscience at King's College) في المملكة المتحدة، قد قامت بتحليل البيانات الخاصة بما يزيد على 3500 مراهق كانوا جزءاً من دراسة كبيرة تُسمى بمجموعة الألفية (مشروع يتابع الأطفال الذين ولدوا بين عامي 2000 و2002، ويحتوي على قاعدة بيانات كبيرة تخص الأطفال والمراهقين).

وتضمنت البيانات معلومات عن السلوكيات الخاملة في حياة الأطفال والمراهقين تم جمعها في مرحلتين زمنيتين؛ الأولى عندما كان المراهقون في الرابعة عشرة من العمر، والثانية في السابعة عشرة. ففي المرحلة الأولى، قام المراهقون بتسجيل الأنشطة المختلفة التي قاموا بها كل 10 دقائق. وبعد ذلك جرى تصنيف هذه الأنشطة بشكل مفصل، مثل النشاط البدني بشكل عام والوقت المنقضي في النوم. وأيضاً تم جمع معلومات عن أوقات الترفيه، سواء التي تم قضاؤها أمام الشاشات للأغراض الترفيهية، أو التي جرى استثمارها في أنشطة بدنية بعيداً عن الشاشة، وأخيراً الوقت الخامل المستَثمر في التعليم.

في المرحلة الثانية (سن السابعة عشرة) قام المراهقون أنفسهم بالإجابة عن استبيان نفسي معين، يُسمى بمقياس كيسلر (Kessler Scale) لمعرفة ما إذا كانوا يتعرضون لمشكلات نفسية من عدمه؛ حيث تتضمن الأسئلة عدد المرات التي شعر فيها المراهق بمشاعر سلبية مختلفة في الثلاثين يوماً الماضية، وكل شعور سلبي مثل «اليأس والقلق والاكتئاب وعدم الإحساس بقيمة الذات» له درجة معينة. ويتم تجميع هذه الدرجات في النهاية، وتبعاً لمجموع الدرجات التي يحصل عليها كل مراهق يمكن معرفة إلى أي مدى يعاني من تدهور الحالة النفسية.

سلوك خامل ومخاطر صحية

أوضح الباحثون أن تسجيل المراهقين لحركتهم كل 10 دقائق يُعد مقياساً حقيقياً لدراسة السلوك الخامل يرصد إجمالي الوقت الخالي من الحركة والنشاط، أو ما يُسمى «وقت الجلوس» (sitting time)، بحيث يشمل مجموعة متنوعة من الممارسات، مثل استخدام الكمبيوتر ومشاهدة التلفزيون والقراءة والاستماع إلى الموسيقى. وقالوا إن هذا الوقت، سواء تم استثماره بشكل مفيد في تعلم مهارات معينة، مثل دراسة وإتقان اللغات أو إهداره بشكل عشوائي على الشاشات المختلفة، كلما زاد على الساعتين، زادت المخاطر الصحية. وأوضحوا أن فكرة التدوين المستمر كانت لضمان دقة القياس؛ لأن الأبحاث السابقة التي اعتمدت على ذاكرة المراهقين فقط في حالة سؤالهم عن نشاطهم البدني في الأغلب لم تكن بالدقة الكافية.

وقام الباحثون بتثبيت العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى تغيير النتيجة، مثل الجنس ومستوى تعليم الوالدين والبيئة وصافي دخل الأسرة ومستواها الاجتماعي، وهل تعرض أي من الوالدين إلى مشكلات نفسية سابقة أو حالية؟ وكذلك جرى قياس مؤشر كتلة الجسم، وحجم النشاط البدني، وإجمالي الوقت الخامل من دون أي نشاط، وتم سؤال الجميع عن وجود أي أعراض للاكتئاب.

وبعد تحليل البيانات، وجد الباحثون أن المراهقين يقضون في المتوسط 4 ساعات يومياً في سلوكيات خاملة لأغراض تعليمية (المدرسة والواجبات المنزلية) ونحو 3 ساعات يومياً في سلوكيات خاملة، سواء أمام الشاشات أو بعيداً عنها؟ وتبين أن المراهقين الذين يقضون أكثر من 180 دقيقة يومياً أمام الشاشات بغرض الترفيه كانوا الأكثر احتمالية للإصابة بمشكلات نفسية في سن 17 عاماً.

والأمر الذي أثار دهشة الباحثين أن المراهقين الذين قضوا أكثر من 3 ساعات يومياً في القراءة، سواء القراءة العشوائية والتصفح أو القراءة النظامية بغرض الترفيه (خصوصاً الأولاد) كانوا أيضاً أكثر عرضة لتدهور الحالة النفسية، وهو أمر مخالف لمعظم الأبحاث السابقة التي ربطت القراءة بتحسن الصحة النفسية والعقلية. وقال العلماء تبعاً لهذه الدراسة إن القراءة الزائدة على الحد يمكن أن تتسبب في الضرر أيضاً.

وإحدى الفرضيات لتفسير هذا الاكتشاف تُشير إلى أن المراهقين الذين يقضون ساعات طويلة في القراءة قد يستبدلونها بالوقت الذي كان من الممكن أن يقضوه في أنشطة تشمل تفاعلات اجتماعية وجهاً لوجه أو في الهواء الطلق، ما يؤدي إلى زيادة العزلة، فضلاً عن أن معظم المراهقين في الأغلب يفضلون القراءة الإلكترونية على الهواتف الجوالة أو أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة اللوحية، وهو أمر ضار أيضاً؛ لأن القراءة على الشاشات المختلفة ترتبط بمشكلات في النوم بسبب التعرض للضوء الأزرق لهذه الأجهزة؛ ولذلك ينصح العلماء بضرورة خفض وقت الشاشات وممارسة النشاط البدني من أجل صحة نفسية أفضل.

• استشاري طب الأطفال.


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب يدرس منح 5 آلاف دولار للأمهات بعد الولادة لتحفيز الإنجاب

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

تقرير: ترمب يدرس منح 5 آلاف دولار للأمهات بعد الولادة لتحفيز الإنجاب

تدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب سبلًا لتشجيع مزيد من الأميركيين على الزواج وإنجاب الأطفال، بما في ذلك تخصيص مكافأة قدرها 5 آلاف دولار لكل أم جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الخطوات الفعَّالة لتربية طفل قارئ لا تقتصر على وقت النوم (رويترز)

ما المهارة التي يجب أن يتعلمها الأطفال في سن مبكرة للنجاح في حياتهم؟

عندما نفكر في تربية طفل قارئ، غالباً ما نتخيل طفلاً مسترخياً في سريره، يجلس في ضوء خافت، يستمع إلى أحد والديه وهو يقرأ قصة بصوت عالٍ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا استنفار أمني باكستاني في بيشاور (متداولة)

الشرطة الباكستانية تقضي على 10 إرهابيين خلال عملية أمنية

قضت قوات الشرطة الباكستانية على 10 مسلحين من العناصر الإرهابية خلال عملية نفَّذتها في ميانوالي بإقليم البنجاب.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
تكنولوجيا شعار تطبيق «إنستغرام» (رويترز)

«إنستغرام» يلجأ للذكاء الاصطناعي لكشف أعمار المستخدمين... كيف يتصرّف مع المراهقين؟

أعلنت شركة «ميتا» المالكة لتطبيق «إنستغرام»، الاثنين، بدء اختبار استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف حالات تحايل المراهقين على إثبات أعمارهم الحقيقية عبر المنصة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التدخلات لتحسين نوم الأطفال قد تُفيد في التخفيف من مشاكل الصحة النفسية (رويترز)

دراسة: النوم الجيد بالصغر يحسن صحتنا النفسية في الكبر

يُعد فهم التغيرات التي تحدث خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة هدفاً أساسياً لعلم النفس التنموي، وهو ذو أهمية بالغة للآباء ومقدمي الرعاية الصحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف تتجنب الكسور وأمراض القلب في الستينات من عمرك؟

خطر الإصابة بالكسور انخفض لدى الأشخاص الذين اتبعوا خيارات غذائية أفضل (رويترز)
خطر الإصابة بالكسور انخفض لدى الأشخاص الذين اتبعوا خيارات غذائية أفضل (رويترز)
TT

كيف تتجنب الكسور وأمراض القلب في الستينات من عمرك؟

خطر الإصابة بالكسور انخفض لدى الأشخاص الذين اتبعوا خيارات غذائية أفضل (رويترز)
خطر الإصابة بالكسور انخفض لدى الأشخاص الذين اتبعوا خيارات غذائية أفضل (رويترز)

مع بلوغ الأشخاص منتصف العمر وتقدّمهم في السن، تزداد المخاوف بشأن الكسور وأمراض القلب. ويعاني كبار السن من ارتفاع معدل الوفيات نتيجة كسور الورك، كما أن أمراض القلب هي السبب الرئيسي للوفاة لدى من تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر.

وانطلاقاً من هذا، نشر باحثون من جامعة ساوثهامبتون بالمملكة المتحدة دراسةً بمجلة «Frontiers in Aging»، بيّنوا فيها نتائجهم بشأن العلاقة بين الخيارات الغذائية والكسور ووفيات أمراض القلب لدى كبار السن، وفقاً لموقع «ميديكال نيوز توداي».

بعد عقدين من مراقبة مجموعة من المشاركين، اكتشف العلماء أن الأشخاص الذين اتبعوا خيارات غذائية أكبر «حذراً»، كانوا أقل عرضة للمخاطر في هذه المجالات.

ما النظام الغذائي «الحكيم»؟

يمنح مُقدمو الرعاية الصحية نصائح لمرضاهم بشأن التدابير الوقائية، مثل كيفية الوقاية من هشاشة العظام وأمراض القلب، خصوصاً لدى كبار السن. وتُسبب هشاشة العظام زيادة في الكسور.

وبما أن الخيارات الغذائية جانب مهم من جوانب الحفاظ على الصحة، فغالباً ما يبحث الأطباء فيما إذا كانت التوصيات الحالية لا تزال مناسبة، ويُعدّلونها عند ظهور أدلة جديدة.

بحثت الدراسة الجديدة في كيفية تأثير النظام الغذائي الحكيم وتناول الكالسيوم في مسألة كسور العظام والوفيات الناجمة عن أمراض القلب على المدى الطويل لدى كبار السن. يرتبط الكالسيوم بصحة العظام، ويمكن لاتباع نظام غذائي صحي أن يُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.

وصف الباحثون النظام الغذائي الحكيم بأنه «يتميز باستهلاك كميات كبيرة من الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة والأسماك الزيتية، مع خفض استهلاك الخبز الأبيض ورقائق البطاطس والسكر ومنتجات الألبان كاملة الدسم».

انضم نحو 3 آلاف من كبار السن إلى الدراسة: 47 في المائة منهم من النساء، و53 في المائة من الرجال.

ووافقوا على الزيارات المنزلية وفي العيادات، وأطلعوا الباحثين على سجلاتهم الصحية لمتابعة حالاتهم. كما ملأوا استبيانات بشأن خياراتهم الغذائية ونمط حياتهم.

تناول الكالسيوم والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية

في نهاية مدة المتابعة التي استمرت 20 عاماً، وُجد أن اثنين في المائة من الرجال، و5 في المائة من النساء، أصيبوا بكسر في الورك خلال مدة الدراسة؛ بينما أصيب 22 في المائة من النساء، و9 في المائة من الرجال، بأي نوع من الكسور. أما بالنسبة إلى وفيات أمراض القلب والأوعية الدموية، فقد حدث هذا لدى 11 في المائة من الرجال، و5 في المائة من النساء.

وبشأن الخيارات الغذائية الحكيمة وكسور الورك، وجد الباحثون ارتباطاً بينهما. عموماً؛ انخفض خطر الإصابة بهذا النوع من الكسور لدى الأشخاص الذين اتبعوا خيارات غذائية أفضل.

عند النظر تحديداً إلى الكالسيوم الغذائي، لم يرتبط هذا بانخفاض خطر الإصابة بكسر الورك، لكن الباحثين لاحظوا ارتباطه بفائدة وقائية فيما يتعلق بوفيات أمراض القلب والأوعية الدموية.

وجد الباحثون أيضاً أن المشاركين الذين اتبعوا أنظمة غذائية أعلى حرصاً، كانت لديهم فرصة أكبر لزيادة مستويات النشاط البدني، وكانوا أقل عرضة للتدخين.

أما المشاركون الذين أبلغوا عن مستويات أقل من النشاط البدني ولديهم تاريخ من التدخين، فقد ازدادت لديهم مخاطر الإصابة بالكسور وأمراض القلب والأوعية الدموية.

تؤكد الدراسة أهمية التثقيف الصحي العام بشأن الخيارات الغذائية ونمط الحياة، لا سيما مع بلوغ منتصف العمر. كما أن اتخاذ تدابير لتحسين صحة العظام، مثل التركيز على الكالسيوم في النظام الغذائي، قد يوفر فوائد وقائية للقلب.