علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

أصبحنا عالميين

استمع إلى المقالة

في السعودية بدأت الصناعة متأخرة نسبياً، بحكم أن النفط لم يُكتشف إلا في الأربعينات الميلادية، وأيضاً كانت هناك بيروقراطية حكومية شديدة، لذلك سارت الصناعة في السعودية سيراً سلحفائياً، يضاف إلى أنه في البداية كانت شريحة كبيرة من المجتمع تعزف عن الاشتغال في الصناعة بدعوى العيب!!!

ورغم كل المصاعب نشأت في السعودية صناعات لا يستهان بها، بل نشأت شركات عملاقة، وأصبحنا ننادي بأن تتحول شركاتنا من شركات محلية إلى إقليمية ثم عالمية، ويبدو أننا استطعنا الوصول لهذا المستوى، فشركة النفط السعودية «أرامكو» واحدة من أهم شركات النفط العالمية في العالم، ومشاريعها المشتركة وصلت لمعظم قارات العالم، ووصلت حتى الصين، وقد يقول قائل: إن «أرامكو» يجب أن تحتل هذه المكانة بحكم أنها شركة نفط، وتصدّر عشر احتياجات العالم يومياً، فلذلك لا غرابة إذا أصبحت عالمية بحكم حاجة العالم للنفط.

لندع «أرامكو» جانباً، ولنذهب لشركة «سابك»، لنرى أن منتجاتها وصلت لجميع أنحاء العالم، كما أنها اشترت شركات بتروكيماويات في أوروبا وأميركا لتحتل المركز الثالث عالمياً، سيقول قائل: هذه شركة بتروكيماويات، واستفادت من الميزة التنافسية بحكم قربها من منابع النفط. وهذا قول فيه بعض الصحة، ولكنها تشتري اللقيم بالسعر العالمي.

ولندع شركتي «أرامكو» و«سابك» جانباً، ولنذهب لشركة «أكواباور»، وهي شركة طاقة متجددة سعودية، مشاريعها الأولى كانت خارج السعودية لتحول الشمس إلى كهرباء، وكانت مشاريعها في المغرب ودبي ثم السعودية؛ أي أن هذه الشركة اعتمدت على المعرفة أولاً لتصل آخر مشاريعها إلى الصين، هذه نماذج سعودية ونرجو أن تحاول شركات أخرى اللحاق بالركب لتصبح إقليمية أولاً ثم عالمية ثانياً.

وفي عالمنا العربي الكثير من الصناعات التي من الممكن أن تصبح عالمية، بل إن بعضها أوشكت أن تكون، مثل صناعة النسيج، ولكن البيروقراطية قضت عليها، كذلك صناعة الأغذية في العالم العربي من الممكن أن تتحول إلى شركات عالمية. وفي هذا السياق، نشير إلى شركة «المراعي» السعودية التي بدأت محلية ثم أصبحت الآن إقليمية.

وأعتقد أنه بشيء من تخفيف القيود البيروقراطية على الشركات العربية نستطيع الوصول إلى الإقليمية، الأمر الآخر وهو دمج الشركات المتوسطة مع بعضها، بالطبع دون الإخلال بشروط المنافسة، وأن يتخلى الملاك عن الشروط الصعبة مقابل الدمج، وأن ينظروا إلى مستقبل الشركات بعد الدمج بتخليهم عن مكاسبهم المحدودة، ثم رئاسة المجلس والإدارة التنفيذية، فتغليب المصالح المستقبلية قد ينتج أرباحاً أفضل من أرباح الحاضر. ودمتم.