مع توتر الأوضاع السياسية وانعدام الأمن في كثير من بلدان الشرق الأوسط أصبحت منتخبات وأندية فلسطين وإسرائيل وإيران ولبنان وسوريا واليمن والسودان غير قادرة على اللعب في بلدانها بسبب الحرب الدائرة في المنطقة وحرص الاتحاد الدولي ومعه الاتحادات القارية على سلامة الجماهير والمشاركين في المنافسات، ما جعل مصطلح «الأرض المحايدة» يتردد هذه الأيام بكثرة على أسماع متابعي كرة القدم في العالم.
غياب ملاعب سبعة بلدان في الشرق الأوسط عن المنافسات في وقت واحد، حدث استثنائي لم يسبق أن عرفه عشاق اللعبة في هذه المنطقة، لكنه يعني بالضرورة ارتفاع الوعي لدى المسؤولين عن كرة القدم، بعدما كان من الصعب إقناع بعض الاتحادات القارية بنقل المباريات بعيداً عن مناطق النزاع والدول غير المستقرة أمنياً، ومع أن الحرب تعد الدافع الأول للاستعانة بحل الأرض المحايدة لإقامة المباريات، لكن الاتحاد الأفريقي مثلاً لا يرى في غياب الأمن داخل أراضي بعض الدول مبرراً لاتخاذ قرار بمنعها من استضافة المنافسات القارية على ملاعبها طالما أن الأمر لا يتعلق مباشرة بالحرب، كما لا يجد الاتحاد الآسيوي أحياناً حرجاً في اتخاذ القرار نفسه وفرض قرار إقامة المباريات في مناطق أقل ما يقال عنها إنها غير آمنة بالنسبة للفرق القادمة من الخارج.
ولم تكن مباراة نيجيريا ضد ضيفتها ليبيا في تصفيات كأس أفريقيا لكرة القدم إلا فصلاً من فصول سوء التدبير في الاتحاد الأفريقي، بعدما سبقها تعرض حافلة طاقم قناة «سوبر سبورت» في طريقها لتغطية المباراة لهجوم مسلح في ولاية أنامبرا النيجيرية، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص من بينهم مصور القناة، كان هذا قبل ثلاثة أيام من وصول بعثة المنتخب الليبي التي واجهت مصاعب في الوصول إلى ملعب المباراة، ومنها سوء الاستقبال والسفر لساعات طويلة بين المدن وعبور مناطق غير آمنة.
ما تعرض له المنتخب الليبي لم يحرك ساكناً في الاتحاد الأفريقي، ما تسبب لاحقاً في أن تتعرض بعثة الفريق النيجيري إلى المصاعب نفسها في مطار الأبرق الدولي حين وصلت لخوض مباراة الإياب، قبل أن يتخذ الضيوف قراراً بعدم خوض المواجهة والعودة إلى بلادهم بسبب ما سموه معاملة غير إنسانية، غير أن الاتحاد الأفريقي هذه المرة تحرك لصالح نيجيريا المنسحبة وعدّها فائزة في اللقاء 3 - 0 مع تغريم الجانب الليبي 50 ألف دولار!
هكذا تدار الأمور في الاتحادات القارية وأحياناً في الاتحاد الدولي، حرصاً على جني الأرباح وبعيداً عن الالتفات إلى أهمية تهيئة الأجواء قبل السماح لبعض البلدان باستضافة المباريات على أراضيها، ومن هنا تأتي أهمية تشديد الإجراءات والتوسع في نقل المنافسات إلى الملاعب المحايدة، بدرجة تضمن سلامة اللاعبين والإعلاميين والمشجعين، فضلاً عن إجبار الدول على تطبيق معايير موحدة في الاستقبال والتنظيم واختيار الملاعب.