«إلى اليمن دُر... وإلى السلام سِر» ليس مصطلحاً عسكرياً... إنه تطلّع وطني إلى استنفار طاقات القوى اليمنية، وتوجيه أنظارهم وتكريس جهودهم لمصلحة «اليمن أولاً» مُعتبِرين من تفاعلات المنطقة منذ أخذ «طوفان الأقصى» اهتمام الجميع، ثم تجمّدت المساعي السلمية على الضفة اليمنية.
عقب تداعيات الخريف العنيفة مؤخراً، صدر من أحد «مخابئ» أو «كهوف» شمال اليمن، ما يؤكّد مواصلة الانصراف عن أولوية السلام الداخلي بتصريحات الاعتزام على مواصلة التصعيد الخارجي؛ بوصفه تطبيقاً فعلياً لمأثور الإمام علي بن أبي طالب «ما أكثر العِبَر... وأقل الاعتبار!».
لا يُعوِل بعضٌ على مَن «لم يعتبِر بعد» أنه سيؤدي واجب #السلام_لليمن، بيد أن الذين تفاقمت معاناتهم شمالاً وجنوباً، من نساء وأطفال وشباب ومسنين، يُعوِّلون ويتمنون إمكانية تفادي التمادي في التصعيد والخلاف، فضلاً عن تجنّب عنتريات تهييج العواطف، والصراعات حول السفاسف... لأنه:
لا يُمكن استمرار حالة «السلام الخامل» يمنياً.
ولا يُمكن إطالة احتمال انصراف اليمنيين عن معالجة «اليمننة».
ولا يُمكن أن يدوم السوء دونما مقاومة أو محاولة تخفيف حدة السوء.
ولا يُمكن قبول تعريض البلد لضربات إسرائيلية أخرى وتهديد الملاحة الدولية.
ولا يُمكن أن تظل أخبار اليمن على رتابتها، حسب بعض الإعلاميات والإعلاميين العرب.
قائمة «لا يُمكن» هذه، يُمكن أن تزيد طولاً طالما لم يَقصُر طريق السير إلى «السلام الفاعل»، ولا يدور المعنيون تجاه اليمن.
يطول الطريق؛ لأن السائرين فيه «لا يعتبِرون». والأدهى أنهم وسط الدرب المحفوف بالألغام أو تأرجحهم في الهاوية، كما يصفهم البعض، يتنازعون على بعض الصلاحيات نزاعاً سلبياً، من دون أن يتسابقوا سباقاً إيجابياً على الدوران صوب منفعةِ اليمنيين لا مضرّتهم؛ بهذا يتعوق سير بقية «الركب اليماني» صوب السلام، ويبدو جميعهم على خلاف المؤمل فيهم. ثم بسببهم يتقلّص الاهتمام بأحوال اليمن، رغم التأثر لفداحة المعاناة الإنسانية.
بينما يسري ما لا يُمكن ارتضاؤه من اختلاق أمثلةٍ على أرض الواقع، يُمكن التفاؤل بما يستحق مواكبته أيضاً مما يتخَلّقُ من أمثولةٍ يصنعها يمنيون آخرون لا يحملون السلاح ويحلمون بالسلام، وذهبوا يعرضون رؤاهم المتواضعة على من التقوا ويلتقونهم من بعثات دبلوماسية ومؤسسات دولية في عمّان - الأردن، حيث نظّمت «مؤسسة تمدن للتنمية الثقافية والإعلام - بريطانيا» أعمال «اللقاء التشاوري الثاني لمبادرات السلام في اليمن: 13-14 أكتوبر (تشرين الأول) 2024م» الذي ينادي «حيّ على السلام».
لبّى ذاك النداء بعض يمنيات ويمنيي الداخل والخارج ممثلين لمحافظات ومهاجر مختلفة، مستهدفين تكوين «ائتلاف وطني»؛ لعله يجمع بقية النشطاء من نساءٍ ورجال على كلمةٍ سواء، وسط ميدان «نشر ثقافة السلام»، ثم «الشراكة في عملياته»، وكذا ترتيب «انعقاد مؤتمر عام داخل اليمن» ربما يحضّ الأطراف على «السلام الفاعل» تتويجاً لكل المساعي المحلية والإقليمية والدولية، خلال أجلٍ مسمى.
إن أَجَلَ «السلام الفاعل» قد يُسميه المعنيون اليمنيون حينما يتفاعلون فعلاً مع كل جهود ومساعي ونداء «#السلام_لليمن» بتعديل اتجاههم «إلى (اليمن) دُر»... هذا إذا اعتبروا مما جرى ويجري، وانصرفوا -مؤقتاً- عن الأوهام والسفاسف والعنتريات، لئلا تبقى «اليمننة» على ما هي عليه.
إلى «الرهائن والأسرى» دُر:
آخر جولة مشاورات حول الأسرى والمعتقلين بإشراف مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن في مسقط - عُمان... أوائل يوليو (تموز) الماضي، كان يُفترَض أن تعقبها جولة ثانية أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي... لكن المعتقلين تضاعف عددهم خلال الشهور الأخيرة، وتعطّلت عمليات «بناء الثقة». فهلا تنعقد قريباً جولة جديدة تبحث تبادل الأسرى بين الجانبين، وتكشف فيها جماعة أنصار الله (الحوثي) مصائر المحتجزين والرهائن القدامى والجدد من موظفي المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية وغيرهم من الإعلاميين والساسة؟!