هل التاريخ يعيد نفسه؟ المؤرخون أنفسهم مختلفون في هذه المسألة، فمنهم من يرى أن التاريخ يعيد نفسه سواء في التاريخ السياسي أو في تاريخ الوقائع والأحداث. أما الفريق الآخر من المؤرخين فيرون أن التاريخ لا يعيد نفسه حتى وإن تشابهت الأحداث والوقائع، وأن لكل عصر وقائعه المختلفة عن العصور السابقة.
في الاقتصاد ينظر الاقتصاديون إلى تاريخ السوق الاقتصادي، ففي الاقتصاد الكلي ينظرون إلى الدورات الاقتصادية المتكررة وتأثيرها في السوق، ثم ينظرون بشكل متخصص لكل سوق، فيقيمون تاريخ سوق العقار، ويقيمون تاريخ سوق الأسهم، محاولين الخروج بنتائج يسترشدون بها في أدائهم المستقبلي، وكل ذلك بغرض الربح.
وفي هذا الشأن، وبقراءة تاريخية لسوق الأسهم السعودية، يرى مؤرخو سوق الأسهم السعودية أن السوق تمر بتراجع في شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني)، ويبررون ذلك بأن الشركات أعلنت ثلاثة أرباع سنوية؛ ما يجعل أرباح الشركات متوقعاً، كما أن المتعاملين يعتقدون أن بعض الشركات تؤجل بعض الاستقطاعات المالية لنهاية العام؛ ما يجعل الربع الرابع للشركة ضعيفاً، هنا أؤكد أن بعض الشركات المحترفة انتبهت إلى ذلك، وبدأت توزّع الاستقطاعات على مدى الأرباع الأربعة السنوية، وهذا يظهر ميزانية الشركة بشكل أفضل.
على أي حال، هل سيُعيد التاريخ نفسه هذا العام في السوق السعودية؟ أم سيختلف الأمر؟ كلتا الحالتين ممكنة الحدوث، وذلك يعتمد على العوامل، فمثلاً مَن يعتقدون تراجع السوق السعودية خلال هذين الشهرين أكتوبر ونوفمبر، يعتمدون على قراءة التاريخ وعلى الأحداث المحيطة في الإقليم لا سيما التطورات الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل؛ ويرون أن الأحداث أخذت منحنى مختلفاً، ما يجعل أمد الحرب يطول ويرفع خسائر الأطراف، ما يجعل الإقليم يبحث عن مساعدات دولية لإعادة الإعمار، تتحمّل دول الإقليم الجزء الأكبر منها.
أما مَن يرون أن التاريخ لن يعيد نفسه، فيتكئون على خفض الفائدة الماضي 50 نقطة أساس، وتوقع خفض مماثل عند نهاية العام، وهو ما يعزّز صعود أسواق الأسهم في العالم ويجعلها ترتفع، كما يرون أن الحرب الدائرة في الإقليم ستظل محدودة ولن تمتد إلى الدول المجاورة.
فمن يا تُرى تصدق توقعاته للعوامل المحركة للسوق ومن ثم تسير السوق وفق قراءته؟ ونرى هل سيعيد التاريخ نفسه أم لا؟ ودمتم.