علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

تقنيات البناء

استمع إلى المقالة

تختلف أساليب البناء القديمة في عالمنا العربي من بلد إلى آخر وفق المناخ وموقع البلد، ففي البلاد الصحراوية، التي تقل فيها الأمطار يكون البناء بالطين، وفي البلاد الجبلية، التي تكثر فيها الأمطار يكون البناء بالحجر، كما في اليمن ولبنان وجنوب السعودية وغيرها، وهذا أمر طبيعي أن تُستخدَم المواد الطبيعية بما يوافق طبيعة ومناخ البلاد.

وبعد ظهور الإسمنت، أصبح البناء موحداً وأصبحت الدول العربية تستخدم المسلح في البناء، أي استخدام الحديد والإسمنت في البناء وتشييد المنازل والأبراج، واستمرّ استخدام المسلح في البلاد العربية حتى يومنا هذا رغم ظهور تقنيات جديدة للبناء منخفضة التكلفة الاقتصادية.

مع ازدياد تكلفة البناء التقليدية وحاجة الناس للوحدات السكنية في جميع البلاد العربية، ووجود نقص حاد في الوحدات السكنية، وارتفاع أسعارها، وعدم قدرة المستهلك النهائي على الحصول على وحدة سكنية تؤويه وأسرته، يطرح السؤال نفسه: لماذا لا يستخدم العرب الأساليب الحديثة في البناء، وهي أقل تكلفة اقتصادية وأسرع في التشييد؟

في ظني أن العادة استحكمت في العرب، بحيث تعوَّدوا على البناء التقليدي لذلك لم يغيروه، كما أن البناء يتم في عالمنا العربي في الغالب عن طريق الأفراد الذين يؤمنون بالبناء التقليدي ولم يغيروه، كما أن الشركات العقارية المُطوِّرة في العالم العربي لا تستخدم الأساليب الحديثة في البناء؛ لأنها تبحث عن رغبة المشتري الذي لم يثق بعد بالأساليب الحديثة.

ظهرت الجدران المسلحة مسبقة الصنع التي تقلص مدة البناء ولم تُستخدَم سوى في بناء الأبراج، وهناك البناء بالحديد والخشب المعالج، الذي لا يُستخدَم به الإسمنت سوى بنسبة 15 في المائة، ولم يثق به العرب، وظهرت تقنية البناء بالبلوك البلاستيكي ولم يستخدمها العرب رغم حاجتهم إليها، كما أن هناك أساليب أخرى ظهرت في تقنيات البناء لم نستخدمها كعرب، وإنما أوردت ما سبق كأمثلة فقط.

نحن الآن بأمسِّ الحاجة لاستخدام تقنيات البناء الحديثة وذلك للأسباب التالية: أولاً، لمواجهة النقص الحاد في عدد الوحدات السكنية التي يحتاج إليها المجتمع. ثانياً، لتقليص المدة الزمنية اللازمة لبناء الوحدة السكنية، فكلما تقلصت المدة الزمنية للبناء قلت التكاليف، ذلك أن المطورين يلجأون للقروض البنكية التي تشكل عبئاً عليهم، وكلما ازدادت المدة ازداد حجم الفائدة البنكية التي تُحمِّل في النهاية على المستهلك مع هامش ربح المطور. ثالثاً، استخدام التقنيات الحديثة في البناء يقلل التكلفة الاقتصادية لبناء الوحدة ما يجعل السكن ميسراً للمستهلك.

فمن يعلق الجرس ويبدأ بإنشاء وحدات سكنية تستخدم تقنيات بناء حديثة تقلل من قيمة الوحدة سعرياً دون المساس بالجودة؟... ودمتم.