كانت منطقة حِمَى الثقافية واحدة من أهم المحطات التي تعد حلقة وصل بين تجارة الشمال وتجارة الجنوب؛ مما جعلها نقطة تواصل حضاري. اشتهرت منطقة حِمَى الثقافية بآبارها التي تعد المَعلم الأبرز فيها، واحتفظت بمسمى آبار حِمَى منذ أن أشار إليها العالِم أسترابون في سنة 24 ق. م. باسم الآبار السبع، وحتى وقت قريب كان مسمّى «آبار حِمَى» يطلق على هذه المنطقة، ويقدّر تاريخ هذه الآبار بثلاثة آلاف سنة قبل الآن. وتضم منطقة حِمَى الثقافية نحو 550 لوحة فن صخري تتضمن مئات الآلاف من الفنون الصخرية التي يمتد تاريخها إلى الألف السابع قبل الميلاد.
وكان سكانها يرسمون على الصخر الرسوم الآدمية والرسومات الحيوانية، ومن أهم الرسوم الصخرية الحيوانية التي اكتشفت في حِمَى، وتحديداً في موقع الصماء رسم للأسد، كما عُثر على تمثال لرأس أسد برونزي نادر في موقع الأخدود الأثري جنوب مدينة نجران. وتؤكد هذه الاكتشافات أن نجران كانت أحد مواطن الأسد في الجزيرة العربية. وعُثر أيضاً على النقوش الكتابية بالخط المسند الذي انتشر في جنوب الجزيرة العربية، وقد استخدَم هذا الخط عدد من الممالك العربية القديمة. هذا بالإضافة إلى النقوش الثمودية، وكذلك النقوش النبطية، والنقوش العربية المبكرة، وهذا ما يؤكد استمرار دورها بوصفها محطة اقتصادية مهمة في الجزيرة العربية، حتى ما بعد ظهور الإسلام.
كما عثر أيضاً على عدد من المعثورات الأثرية كالأدوات الحجرية المشذّبة والمنحوتة التي كانت تُستخدم للصيد. وكشفت المعثورات واللقى الأثرية في منطقة حِمَى الثقافية عن أسلوب الحياة في هذا المكان قبل آلاف السنين، حيث وجدت الحجارة التي كان الإنسان يشذبها وينحتها؛ لتكون حادة فتستخدم للصيد وتقطيع الطعام وإعداده.
وقد جرى عدد من الأعمال الميدانية كزيارات الباحثين والخبراء: استكشف جون فيلبي وجاك ريكمانس وفيليب ليبينز آثار المنطقة، ووثّقوا ذلك بنقش صخري في موقع عان هلكان عام 1951. وجرى برنامج المسح الأثري الشامل الذي أُطلق قبل 50 سنة وشمل مسحاً للمنطقة الجنوبية، وتضمّن استكشاف منطقة حِمَى الثقافية، ويُعد من أوائل الأعمال الاستكشافية لها. وتعمل هناك بعثات سعودية ودولية مشتركة عدة، حيث نتج عنها كثير من الاكتشافات التي أظهرت الأهمية التاريخية والحضارية لهذا الموقع الثقافي المهم.