علي العميم
صحافي ومثقف سعودي بدأ عمله الصحافي في مجلة «اليمامة» السعودية، كتب في جريدة «الرياض» وكتب في جريدة «عكاظ» السعوديتين، ثم عمل محرراً ثقافياً في جريدة «الشرق الأوسط»، ومحرراً صحافياً في مجلة «المجلة» وكتب زاوية أسبوعية فيها. له عدة مؤلفات منها «العلمانية والممانعة الاسلامية: محاورات في النهضة والحداثة»، و«شيء من النقد، شيء من التاريخ: آراء في الحداثة والصحوة في الليبرالية واليسار»، و«عبد الله النفيسي: الرجل، الفكرة التقلبات: سيرة غير تبجيلية». له دراسة عنوانها «المستشرق ورجل المخابرات البريطاني ج. هيوارث – دن: صلة مريبة بالإخوان المسلمين وحسن البنا وسيد قطب»، نشرها مقدمة لترجمة كتاب «الاتجاهات الدينية والسياسية في مصر الحديثة» لجيميس هيوارث – دن مع التعليق عليه.
TT

استعانة غير شريفة

استمع إلى المقالة

أول مَن قام بنقد محاضرة لويس عوض الأميركية: «التطور الثقافي في مصر منذ 1952»، كان مترجمها إلى اللغة العربية، محمد يوسف نجم، وذلك في تعليقاته الاستدراكية المنشورة مع نصها المترجم في هوامش مكتوبة بحرف صغير، في العدد 11 من مجلة «الآداب»، بتاريخ 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 1972.

سامي خشبة في ذلك التاريخ كان يعمل مراسلاً لمجلة «الآداب» البيروتية من القاهرة، وكان من كُتّابها المنتظمين. وفي العدد التالي للعدد الذي نُشِرت فيه ترجمة محاضرة لويس عوض الأميركية، كان هو الذي تولى كتابة الباب الثابت في هذه المجلة: «قرأتُ العدد الماضي من (الآداب)»، عدد 1 ديسمبر (كانون الأول) 1972، فوجه نقداً شاملاً للمحاضرة.

وفي العدد الذي تلا العدد الذي كتب سامي خشبة فيه ذلك الباب الثابت، عدد 1 يناير (كانون الثاني) 1973، انبرى محمد محمود عبد الرازق للدفاع عن لويس عوض وعن كل ما جاء في محاضرته، تحت عنوان «دفاع عن موقف»، وانتقد التقديم الذي كتبته مجلة «الآداب» لنص المحاضرة المترجم إلى العربية، وانتقد مترجم المحاضرة محمد يوسف نجم في بعض تعليقاته، واتهمه فيها بأنه أراد النيل من لويس عوض لا فَهْم موقفه. ولم يتعرض بالرد لنقد سامي خشبة للمحاضرة. وربما أنه أرسل مقاله قبل صدور عدد 1 ديسمبر (كانون الأول) 1972، وأرجأت المجلة نشره إلى صدور عدد يلي هذا العدد.

وفي العدد الذي تلاه، عدد 1 فبراير (شباط) 1973، نُشِر ردان على محاضرة لويس عوض، كتبهما عبد الرحمن أبو عوف ومحمد مستجاب. وكان الذي تولى كتابة الباب الثابت في هذا العدد، سامي خشبة. وفي الجزء الأخير من قراءته لهذا العدد، رد على دفاع محمد محمود عبد الرازق عن لويس عوض وعن محاضرته ردّاً مجملاً، اتهمه في آخره بالغمز واللمز في تقديم مجلة «الآداب» للمحاضرة!

وفي العدد الذي صدر بعد هذا العدد، عدد 1 مارس (آذار) 1973، كان الذي تولّى كتابة الباب الثابت «قرأت العدد الماضي من (الآداب)»، محمد محمود عبد الرازق.

وفي هذه القراءة من بدايتها، تحول من الدفاع عن لويس عوض وعن محاضرته، إلى الدفاع عن مقاله: «دفاع عن موقف»، وإلى الهجوم على لويس عوض وعلى محاضرته!

قال في مقدمة هذه القراءة: «حين حاول الدكتور لويس عوض في محاضرته (التطور الثقافي في مصر منذ 1952) أن يسمي الأشياء بمسمياتها، انهالت على نص المحاضرة المترجمة تعليقات تبعدنا عن القضية الأساسية بإثارة أمور فرعية (ربما بقصد التعمية) دفعتنا (في مقال سابق) إلى أن ندافع عن (الموقف) لا عن (الرجل). فحسابنا مع (الرجل) لم يحن أوانه بعد، وربما حاولنا الإشارة العابرة إليه هنا. حقيقة أن المحاضرة غصت بالأخطاء...».

ومع أن موقفه في هذه القراءة من لويس عوض ومن محاضرته قد انقلب إلى الضد، فإنه حافَظ على شيء من موقفه السابق، فنقد مرة أخرى بعض تعليقات مترجمِها إلى العربية، ونقد بعض ما قاله سامي خشبة في نقد لويس عوض، وهو النقد المنشور في عدد 1 ديسمبر (كانون الأول) 1972، ونقد بعض ما قاله عبد الرحمن أبو عوف ومحمد مستجاب في نقد لويس عوض، وهما النقدان المنشوران في 1 فبراير 1973، تحت هذين العنوانين: «مشكلة لويس عوض الصعبة»، و«لماذا هذا التشويه للثقافة المصرية؟».

في ردّه على محمد مستجاب، قلل منه، بقوله عنه: «القاص الواعد».

وفي رده على عبد الرحمن أبو عوف، قال عنه كلاماً تجريحياً. وهذا هو نصه: «لأننا نراه يطلق البخور للرقابة في كلمات لا تتسم بغير السذاجة التي تعودناها منه كثيراً، خاصة بعد أن عُيّن بطريقة ما بدار (روز اليوسف)». قلّل من شأن الأول، وجرّح في أخلاق الثاني، مع أنهما لم يتعرضا لمقاله: «دفاع عن موقف»، بشيء من الرد عليه، ولم يتعرضا لشخصه بشيء من النقد.

وتناول آخر ما جاء في رد سامي خشبة على مقاله، بهذا الكلام: «بقيت مسألة عائلية بحاجة إلى التسوية؛ فقد قال سامي خشبة في تعليقه... ولا أعتقد أنني كنت بحاجة إلى لمز غامض أو غمز مبهم لتحديد موقفي من (الآداب). هذا اللمز، وذلك الغمز، الذي احتجته - وأحتاجه - في تحديد مواقفي من مؤسسات أخرى تملك سلطة القهر. أما موقفي من (مجلتي) فقد أوضحته إيضاحاً لا يحتاج إلى اجتهاد، وأرجو أن يعيد الكاتب قراءة المقال قراءة متأنية بعد عودته من المجر ليضع أيدينا على مواطن هذا (اللمز الغامض) الذي خفي عنا أو غمض علينا. ونحمد الله - أولاً وأخيراً - على أن أمر (الآداب) ليس في يده حتى لا يمن علينا أن نُشر تعليقنا كاملاً في باب (مناقشات) الذي منه خرجنا - لأول مرة - إلى النور بعد أن قررنا الهجرة بقلمنا، وأنها ما زالت في يد الدكتور سهيل إدريس».

وبهذا التعقيب لمحمد محمود عبد الرازق انتهت تلك المعركة التي ضمتها 5 أعداد من مجلة «الآداب».

محمد محمود عبد الرازق في مقاله: «دفاع عن موقف»، كان قد أيد لويس عوض في تفسيره بأن جماعة الإخوان المسلمين كانت وراء اتجاه طه حسين ومحمد حسين هيكل وعباس محمود العقاد إلى الكتابات الإسلامية، وأيده - ضمنياً - في انتقاده لهم في اتجاههم هذا الاتجاه في الكتابة.

واستعان في هذا التأييد بكلام وارد في كتاب كان في ذلك الوقت مترجماً حديثاً إلى اللغة العربية هو كتاب مارسيل كولومب: «تطور مصر من 1924 إلى 1950»، استعانة غير شريفة. وللحديث بقية.