علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

قصصنا المزعجة

استمع إلى المقالة

سبق أن تطرقت في مقال سابق لحداثة أسواق الأسهم في عالمنا العربي، وذكرت أن معظم المتعاملين في هذه الأسواق أثناء النشأة كانوا من الأفراد، وكانوا في الأغلب يجهلون طبيعة هذه الأسواق، مثل حساسيتها العالية، وأنها أسواق عالية المخاطر كذلك، وبالمثل عالية الأرباح، وأيضاً عدم استثمار أي أموال في هذه الأسواق أنت في حاجة إليها، وإنما تستثمر فوائض الأموال، التي تكون خارج حاجة أسرتك وتعليم أبنائك، وكذلك خارج تكلفة العلاج.

يضاف إلى ذلك ضرورة متابعة السوق التي تستثمر فيها، والمتابعة الدقيقة للشركات التي تستثمر في أسهمها، فأداء الشركات متذبذب، وقد يكون ممتازاً اليوم، ويصبح سيئاً في الغد، وذلك لعدة أسباب. منها تغير الإدارة من ناجحة إلى فاشلة، وتعرض الشركة للفساد عبر السرقة من داخلها، وعادة يكون ذلك بعدة طرق، منها تمرير منتج الشركة أثناء طرحه للسوق عبر وسيط يملكه أحد أعضاء الإدارة، وكذلك تمرير مدخلات الإنتاج على وسيط قبل دخولها الشركة.

وقد تتعرض الشركة للخسارة نتيجة انخفاض هامش أرباح منتجاتها، وقد تخسر بسبب عدم مواكبتها للسوق، ولا سيما شركات الإنترنت والاتصال، على أن ذلك ينطبق على جميع الشركات، ولكن بحدة أقل، إضافة إلى سوء الإدارة، فقد تكون الإدارة أمينة ولكنها فاشلة في الإدارة، ما يحمل الشركة خسائر نتيجة جهل الإدارة في السوق، لذلك يجب على المتعامل أن يكون متابعاً دقيقاً لسوق الأسهم، ويمتلك القدرة والسرعة في التنقل من أسهم شركة لأخرى وفق الأداء، ويغير محفظته من الأسهم ذات الأداء السيئ إلى الأسهم ذات الأداء الجيد.

ونتيجة عدم معرفة الأفراد خصائص السوق، فقد وقع كثير من القصص المأساوية في السوق، منها أن فرداً لا يعرف السوق دخل سوق الأسهم وبدأ يربح بالصدفة نتيجة طلوع السوق، فبدأت الناس تثق به وترى أنه محترف

فطلبوا منه أن يدير بعضاً من أموالهم، وبالفعل استلم الأموال وبدأ يشتري ويبيع في السوق، ونتيجة جهله بمخاطر السوق بدأ يرهن المحفظة ويأخذ قروضاً عليها ثم يشتري ويرهن الأسهم، وهكذا دواليك، ما جعل خسائره فادحة مع أول هبوط، وخرج من كل ذلك بمنزل يسكنه وأسرته، بعد أن كان يدير عشرات الملايين.

هذه واحدة من قصص كثيرة حدثت في السوق السعودية، وأرجو من صحافيّينا المنتشرين في العالم العربي أن يرصدوا ما حدث في أسواقهم لنخرج برواية تاريخية تفيدنا مستقبلاً. ودمتم.