> لم تكن المسألة إلا مسألة وقت قبل أن يتحوّل العالم بأسره إلى مواقع وشبكات ومنصّات تدخل وتخرج في يوميات كل منّا ببساطة، بنقرة واحدة على زر أو اثنين.
> وإذ تم هذا الانتشار الرهيب، واكبه انتشار نوع من الكتابات التي تهدف إلى غايتين؛ رفع شأن الكاتب في أعين القراء وتكريس منهج لا يكترث لكل شيء يتجاوز الحاضر والجغرافيا وما يمكن فهمه بسهولة من النص (مسرح أو رواية أو فيلم) ويُعدّ التاريخ بدأ به.
> يُلاحظ في النقد السينمائي أن الأسلوب المستحدث هو توجه كثيرين من الكتّاب إلى قارئه كما لو كان يجالسه إذا سألته السبب سيقول: «لمَ لا؟ هل يجب أن يكون هناك فاصل ما؟ هذا يذكّر بمشهد لأستاذ مدرسة كان يصر على الجلوس مع التلامذة الصغار على واحد من مقاعدهم ليلقي درسه هناك على أساس من لمَ لا؟».
> لمَ لا؟ لأن الناقد والأستاذ والطبيب ليسوا مرشّحين للانتخابات، وعليهم بالتالي تأمين الأصوات، ولا هم بكوميديين لا يحسون بالثقة إلا إذا صفق الجميع لهم. الناقد ليس أداة ترفيه، بل أداة تعليم، حتى إن بدت الكلمة هنا قاسية.
> على الناقد أن يقرأ الفيلم لغيره، وهذه القراءة لن تكون مخلصة إذا ما كان التفكير هو توسيع رقعة القراء والشعور بالأنا المفرطة.
> في إحدى مجلات السينما الرئيسية بأميركا لا تخلو مقالة المؤلف من 1200 كلمة من كلمات أنا وما يتّصل بالذات من كلمات أخرى من قرابة 50 استخداماً، مثل: («رأيت» و«فكرت» و«كتبت» و«اعتبرت»... إلخ).
> والأسوأ هو أن عندنا من يقرأ ويترجم النقد الأجنبي وينسبه لنفسه لأنه لا يملك المعرفة. لا يسأل نفسه فيما لو كان من نقل عنه على خطأ. والغاية هي واحدة: «أنا شاطر وأفهم في السينما». مبارك عليك.
> ثم يأتيك من يقدم أخطاءه على الهواء مباشرة. أيضاً من زاوية أنا أنقل إذاً أنا موجود.