عضوان الأحمري
صحافي سعودي، رئيس خدمات الديجيتال والأونلاين في صحيفة «الشرق الأوسط»
TT

قطر تخترق قطر!

عاصفة شجب واستنكار شعبي. ردود بين أطراف عدة. الإعلام يتحرك، ويوقف فوضى التصريحات القطرية. نفي ... إثبات ... بيان .. بيان ينفي البيان .. رسم كاريكاتوري يؤكد ما جاء في البيان .. إيران تدخل على الخط، وقبل ذلك وكالة الأناضول تنفي نيابة عن قطر، وطهران لاحقاً تبرر.
من اخترق من؟ وهل قطر حين نفت البيان، لا تستضيف حماس فعلاً، ولا تدعم الإخوان، ولا تقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل! قبل حادثة البيان الذي قالت الدوحة إنه مفبرك، شن إعلاميون في قناة الجزيرة حملة إساءات متفرقة، إحداها كانت تجاه الشعب السعودي، فثارت موجة غضب دفعت كاتب التغريدة، وهو مذيع معروف بميوله الإخوانية، لحذف التغريدة والاعتذار. وقبل 48 ساعة من انعقاد قمة الرياض، نشر موقع إلكتروني تابع للدوحة تقريراً مسيئاً يصف الاتفاقيات التجارية بين الرياض وواشنطن أنها "جزية" دفعت لأميركا!
سيل الإساءات هذا ليس حدثاً اعتباطياً، فهو رفض غير مباشر من قطر لقمة الرياض، وجاء تأكيد ذلك في البيان الذي زعمت الدوحة لاحقاً أنه مفبرك وأن موقع القناة مخترق، رغم أنه ترجمة حرفية لسياساتها في المنطقة.
قبيل قمة الرياض، نشر وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني حواراً في صحيفة "عرب نيوز" الشقيقة، وبعد يومين من ذلك نشرت وكالة الأنباء الفرنسية تصريحات له، إلى جانب وسائل إعلامية أخرى، مفادها أن قطر "لم ولن ولا تدعم الإخوان". تصريح جازم وقاطع وتأكيدي، أن لا علاقة للدوحة بالإخوان، وهو ما أثار استغراب الشارع السياسي. فدعم قطر لجماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان أمر معروف وقطعي، وإتاحة المجال الفضائي لرموز الإخوان، وتخصيص ساعات بث، ودعم وسائل إعلام، وإقامة مؤتمرات للجماعة المنبوذة في الخليج والمصنفة جماعة إرهابية، لا يحتاج لعناء بحثي. كل المعلومات متوافرة ومتاحة ومن مصادر قطرية في الأثير.
قطر تخترق قطر، وصراع المستشارين أربك سياسة الدوحة. هذا أقل ما يمكن أن يقال. الارتماء في حضن دولة لا تختلف عن كوريا الشمالية في شيء، وأقصد إيران، سيجعل من قطر مهددة بعزلة دولية. العالم اتفق على عزل إيران، والدوحة اتفقت على مصافحة المعزول. معادلة غير مفهومة. وسائل إعلام إيرانية تتساءل اليوم وأمس "هل ستنضم قطر لمحور المقاومة"! مقاومة من؟ ولصالح من؟
ثلاثة أعوام، هي فترة عودة قطر إلى حضن الخليج العربي، بعد 18 عاماً من المشاغبة. لكن 18 عاماً أكثر تأثيراً من 3 أعوام. لم تستطع التأقلم مع الهدوء والأخوة والتنسيق. ففضلت السير إلى المجهول، والابتعاد عن العمل المشترك، للتغريد خارج السرب، لكن بصوت نشاز.
حتى المناكفة، لها أصول. لقاء قاسم سليماني في بغداد، كما تقول تقارير صحافية، لن يصنع دولة قوية.
محاولة إرسال إشارات أن إيران البديل، لن يصنع درعاً واقياً لقطر، بل يدينها أكثر.
لعبة التوازنات السياسية يجيدها المتمرسون والمؤثرون الحقيقيون، لا الطارئون أو المتجاوزون للحدود الطبيعية بأحجامها الطبيعية.