حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

ترمب والروس!

استقالة مستشار الأمن القومي الأميركي على خلفية اتصالاته بالمسؤولين الروس لم تأتِ بالنسبة للكثيرين من المتابعين للشأن الأميركي كخبر مفاجئ، ولكنها أتت كتأكيد لنظرية الاختراق الروسي لدائرة الرئيس دونالد ترمب. وهي نظرية يتم تداولها بشكل مكثف منذ أيام الحملة الانتخابية بعد تسريبات إخبارية لافتة عن وجود «علاقات وثيقة» بين أقطاب نافذين في دائرة دونالد ترمب مع مسؤولين مهمين في الحكومة الروسية، وأيضًا بعد التصريحات المتكررة لدونالد ترمب نفسه التي كان يكيل المديح فيها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
النظرية اليوم تأخذ أبعادًا جدية، خصوصًا أن أقطاب الإعلام «الثقيل»، من أمثال «نيويورك تايمز» التي تمثل عادة رأي وزارة الخارجية، و«واشنطن بوست» التي تمثل رأي وزارة الدفاع، يتبنون خطًا قويًا للتحقيق مع دائرة دونالد ترمب المتهمة باتصالاتها مع المسؤولين الروس. ليس سرًا ولا أمرًا خافيًا على أحد أن فلاديمير بوتين هو رجل استخباراتي متمرس، لا يزال يشعر بألم شديد من مرارة الهزيمة المذلة للسوفيات في أفغانستان على أيدي الأميركيين، وكذلك لديه قناعة كبيرة بأن أميركا تمكنت من «زرع» رجلها المخلص، وهو غورباتشوف، الذي تمكن من فكفكة وإنهاء الاتحاد السوفياتي. وها هي اليوم أميركا (بحسب تفكير بوتين) تواصل تهديد سلامة روسيا فتتدخل في جورجيا وأوكرانيا اللتين تعتبران تقليديًا من دول الحمى الروسي، وكذلك قيام أميركا بزرع صواريخ كبرى في دول شرق أوروبا، وهي مسألة اعتبرتها روسيا تهديدًا مباشرًا لأمنها الاستراتيجي القومي، وهناك بدأت ملامح نظرية الانتقام تكتمل بالتدريج، وبدأت صورة المرشح الروسي تظهر مع ازدياد الحديث عن العلاقات الخاصة بين الرئيسين بوتين وترمب ورفض الرئيس الأميركي المستمر انتقاده أو التعرض لسياساته المثيرة للجدل وسجله الحقوقي.
اليوم هناك مطالبات جادة جدًا من قبل أعضاء نافذين في الحزبين الديمقراطي والجمهوري من أعضاء الكونغرس في الولايات المتحدة الأميركية بإجراء تحقيقات موسعة في الاختراقات المزعومة للحكومة الروسية في دائرة صناعة القرار السياسي في البيت الأبيض وما يشكله ذلك من تهديد عظيم للأمن القومي. وتأتي هذه المسألة المهمة بعد ادعاءات الحزب الديمقراطي وحملة المرشحة الخاسرة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون التي تدعي أن أجهزة الاستخبارات الروسية قد تمكنت من اختراق الحزب الديمقراطي ومعرفة أسرار المراسلات الخاصة بين أعضائه، وأيضًا ادعاءات اختراق الأجهزة نفسها لآلية التصويت الإلكتروني لها خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترمب.
السلطة الرابعة، وهو الاسم الذي يطلق على جهاز منظومة الإعلام في الغرب، تمارس مهامها الآن في «التحقيق والكشف» عن طلاسم وألغاز العلاقة بين الرئيس دونالد ترمب والروس، وهؤلاء يعتقدون أنهم قادرون على معرفة «الحقيقة الكاملة» تمامًا كما كان لهم الدور في ذلك خلال عهد الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون الذي سقط في فضيحة «ووترغيت» التي انكشفت على يد مراسلة في صحيفة «واشنطن بوست».
أميركا اليوم منقسمة بين رأي يقول إنها اختطفت بانقلاب دستوري على أيدي متطرفين، ورأي آخر يقول إنها استعيدت لأهلها ويجري الآن حمايتها، ولكن هناك رأيًا ثالثًا يقول إن ما يحدث اليوم ليس بريئًا ولا بد من كشف المجهول والغامض في تلك العلاقة بين الرئيس ترمب والروس. الإثارة مستمرة بشكل غير مسبوق ولم يمض شهر على تولي ترمب رئاسة أميركا.
يبدو أن القادم سيكون مذهلاً أكثر!