مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

(راسب) مع مرتبة الشرف

ابتلاني أو تسلط عليّ أحدهم دون مقدمات حين حاول أن يخضعني - على حد قوله - لاختبار في اللغة العربية، حاولت (التملص) أو الاعتذار منه، على أساس أن أيام الاختبارات في المدرسة ولت ولله الحمد إلى غير رجعة، ورجوته ألا يعيدني للذكريات الأليمة.
غير أن إلحاحه مع تهكمه عليّ، واتهامه لي بالعجز والخوف من الفشل في الإجابات، كل ذلك جعلني أوافق من أجل الانتصار لكرامتي، ويا ليتني لم أفعل، ولكن حصل ما حصل، (ولن ينفع الصوت إذا فات الفوت) مثلما يقولون، وخضعت مرغمًا للاختبار، وها أنا ذا أفرغ شريط التسجيل من الاستجوابات كما هي دون أي زيادة أو نقصان:
سؤال: من هي (بنت الشفة)؟!، أجبت: هي (البوسة) - أي القبلة -، قال غلط هي الكلمة.
سؤال: من هي (بنت العين)؟!، أجبت: هي (النني)، قال غلط هي الدمعة.
سؤال: من هي (بنت العقل)؟!، أجبت: هي (الكلمة)، قال غلط هي الفكرة.
سؤال: من هي (بنت اليمن)؟!، أجبت: (بنت اليمن هي بنت اليمن)، قال غلط هي حبة القهوة، قلت له: هذا كان زمان لأن (القات) قد حل محلها.
سؤال: من هنّ (بنات النفس)؟!، أجبته: إنني لا أعرف سوى بنات المدارس، قال: غلط يا (بقم) إنهن الوساوس.
سؤال: من هنّ (بنات الخدور)؟!، أجبته: ما يحتاج هذه شغلتي يا باشا، إنهنّ حبيبات عمري البنات العذارى، قال: صح هذا هو اللي أنت فالح فيه فقط.
سؤال: من هن (بنات الليل)؟!، أجبته إنني أستحي - أي أخجل من أن أجيبك عن هذا السؤال القليل الحياء قال: بل إنك أنت قليل الحياء لأن تفكيرك الخربان ذهب بك بعيدًا، إن بنات الليل يا (غبي) هن (الأحلام).
سؤال: من هن (بنات اللهو)؟!، أجبته: هن من يمارسن رقصة أو لعبة (الهيلا هوب)، قال: غلط إنهن (الأوتار).
سؤال: من هن (بنات الصدور)؟!، أجبته: رجعنا لقلة الحياء، آسف لن أجيب، قال: إنهن الهموم يا عبيط.
سؤال: من هن (بنات التنانير)؟!، أجبته بعد أن اعتدلت بجلستي قائلاً: إذا كنت تقصد التنانير الطويلة، فاللاتي يرتدينها هن بنات الخليج، وكذلك المحجبات والفلاحات في البلاد العربية، أما التنانير القصيرة التي يطلق عليها (الميني جوب)، فتلك تجدها في البلاد الخارجية، وهي التي لا تستحب زيارتها إلاّ في عز الصيف، قال: سبحان من ركب مخك بالمقلوب (سافله على عاليه)، إنها أرغفة الخبز يا (شاطر).
انتهى الاختبار واعتبرني (راسبًا) مع مرتبة الشرف، وأعطاني علامة واحد على عشرة.