سوسن الشاعر
إعلامية بحرينية تكتب في بعض الصحف البحرينية منها «الوطن» و«بوابة العين الإخبارية». عضو في مجلس أمناء «جائزة الصحافة العربية». كانت مقدمة لبعض البرامج التليفزيونية. خريجة جامعة بيروت العربية.
TT

الآستانة... تكثيف الحراك الدبلوماسي

في 23 من هذا الشهر سيتحدد في الآستانة الدور الإيراني في المنطقة لا في سوريا فحسب، فإما بناء على تفاهمات روسية سعودية تركية أميركية ستقيد يد إيران، وإما أن تطلق يدها وهذا ما سيقود لمزيد من الفوضى.
الدور الدبلوماسي في الأسبوعين القادمين هو التأكيد على هذه النتيجة، فلا روسيا تستطيع أن تحتفظ بمكاسبها على الأرض السورية، ولا أميركا يمكنها أن تقضي على «داعش» دون مساعدة المحيط السني لسوريا، ولا يمكن أن يمد المحيط السني يده لروسيا دون أن تعود إيران إلى الداخل الإيراني وتكف يدها، على هذا الأساس يجب التحرك للآستانة، فلم نفقد أوراقنا بعد، وما تحقق من مكسب لأي طرف على الأرض السورية يحتاج إلى تثبيت، وما زال لدى الدول الخليجية الكثير من أوراق الضغط والكثير من الفصائل السورية التي ستحضر الاجتماع لديها ارتباطات خليجية.
وهذا ما تفعله إيران، التي تحاول أن تظل (مزعجة) لاتفاق وقف إطلاق النار، ومهددة الاتفاقية الهشة إلى أن يحين موعد الآستانة، عن طريق ميليشياتها، وتلك قاعدة بديهية في علم التفاوض تقتضي بأن يكون لك تأثير على الأرض، حتى يكون لك مكسب على الورق!
تعي إيران جيدا تلك المخاوف لذلك نرى التصريحات الإيرانية حول سوريا هي الأكثر من تصريحات أي دولة أخرى، حتى أكثر من التصريحات الروسية ذاتها التي تحضر لمؤتمر الآستانة لتقرير مصير سوريا، وتلك عادة دأبت عليها إيران حين تشعر بالتجاهل وحين تشعر بحاجتها للتأثير على الرأي العام الإيراني المضطرب مع اقتراب الانتخابات الإيرانية في شهر مايو (أيار).
وفي هذا السياق ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء (28 ديسمبر/كانون الأول 2016)، أن إيران فقدت أعصابها عقب قيام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بمطالبة السعودية بدعم محادثات السلام السورية التي ستستضيفها العاصمة الكازاخستانية الآستانة بالانضمام إليها، خاصة بعد فشل مفاوضات جنيف التي جرت تحت رعاية الأمم المتحدة.
وقالت الوكالة إن وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان انتقد ذلك، ولم تقف تصريحاته لوكالة الأنباء الروسية «RIA»، عند ذلك الحد، بل إنه أعرب عن اعتقاده بأن وجود القوات التركية في سوريا من دون طلب من الحكومة السورية اعتداء، مشددًا على أن «المعتدي» لا يحق له أن يقرر نيابة عن الآخرين.
أما رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي فزار دمشق وصرح: «إنه يجب على كل من دخل سوريا دون إذن النظام مغادرة الأراضي السورية».
أما الناطق باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، وفي تصريحات للصحافيين في الثالث من يناير (كانون الثاني) ردًا على تصريحات لوزير الخارجية التركي اتهم فيها «ميليشيات شيعية بانتهاك وقف إطلاق النار في سوريا»، فقال إن «التصريحات غير المسؤولة لتركيا ستزيد من تعقيد الأمور في سوريا وستؤثر على الحل السياسي».
يبدو واضحا القلق الإيراني من المفاجآت التي ممكن أن تحدث في الآستانة، خاصة أنها تتزامن مع الحقبة الجديدة للولايات المتحدة الأميركية، والتي قد بدأت بالاستشارات والتحليلات السياسية التي تدعو إدارة ترامب لتحديد موقفها من العربدة الإيرانية في المنطقة، حتى وإن غابت الولايات المتحدة عن الآستانة بسبب تزامنها مع فترة تسليم الإدارة الجديدة، إلا أن قدرتها على التأثير ما زالت في أوجها، ومباركتها أو العكس ستنعكس في ثبات ما ستتمخض عنه اجتماعات الآستانة.
فكتب دينس روس مقالا نشره معهد واشنطن قال فيه «ومن المؤكد أنّ الرئيس ترامب لا يرغب في رؤية هزيمة تنظيم داعش، ومن ثم يراه متجسدًا بشكل مختلف خلال فترة رئاسته». وقد أوضح أيضًا أنه لا يرغب في المشاركة في بناء الدولة أو في فصول طويلة من الصراعات التي لا نهاية لها في الشرق الأوسط.
ولكن ينبغي أن يؤدّي ذلك إلى جعل إدارته حذرة مرة أخرى من الانضمام إلى الروس في سوريا ما لم تتغير السياسة الروسية. يجب على فلاديمير بوتين أن يوقف تحريض القوة الإيرانية كحد أدنى. ولا تستطيع إدارة ترامب أن تقول إنها ستكون أكثر صرامة مع إيران، وتنضم في الوقت نفسه إلى الروس في سوريا. فالاثنان متعارضان تمامًا.
جميع تلك المصالح المتضاربة في صالحنا، إنما يجب أن نكثف الحراك الدبلوماسي وعلى الأرض حتى يكون لذلك تأثير في الآستانة.