زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

فرعون موسى!

تناولت كثير من المقالات، بل والمؤلفات - علمية وغير علمية - قضية من هو فرعون موسى؟ وهناك من لديه إيمان عميق بأن فرعون موسى هو الملك رمسيس الثاني؛ بينما تجد هناك آخرين يجزمون بأن الملكة الحاكمة حتشبسوت هي فرعون الخروج! بينما فريق ثالث يفرق بين فرعون الاضطهاد (الذي عذب اليهود)؛ وفرعون الخروج، مستندين في ذلك الاعتقاد إلى إشارات في التوراة والإنجيل. أما عن آخر الآراء في هذه المسألة فهو ما عرضه الدكتور مصطفى وزيري مدير عام آثار الأقصر من آراء مثيرة للعجب جعلت الكثيرين يفتحون باب المناقشة مرة أخرى، الذي لن يؤدي بنا إلى شيء جديد في ضوء ثبات الأدلة المتوفرة لدينا والتي لم يطرأ عليها أي تغيير سواء بالزيادة أو النقصان.
يؤكد وزيري أن اسم فرعون مشتق من اسم البلدة العربية التي جاء منها فرعون وهي «فاران» أو اسم قبيلة «فرعا» ومكانها حاليًا في وادي عسير في غرب الجزيرة العربية؛ ويشير إلى أن فرعون موسى كان عربيًا من منطقة عسير التي تقع إلى الناحية الجنوبية في السعودية! وصلني البحث من الدكتور مصطفى وزيري وكان واضحًا أنه اعتمد على الكتب السماوية ولم يراعِ التركيز على نقاط مهمة منها الوضع الزمني للحدث، أي الخروج، حيث جعله ضمن فترة مكافحة الهكسوس وطردهم من مصر وبالتالي جعل فرعون ضمن ملوك الهكسوس الغازين لمصر؛ حتى يقول لنا إن قبيلة عربية من شبه الجزيرة كانت ضمن القبائل الرعوية التي عرفها المصري القديم باسم الهكسوس؟!
يحتاج موضوع الخروج وشخصية فرعون موسى إلى كثير من المناقشات العلمية الجادة؛ خاصة أن هناك أكثر من عشرين رسالة ماجستير ودكتوراه نشرت من خلال أهم جامعات أوروبا وأميركا؛ هذه الرسائل العلمية تؤكد بما لا يدع هناك مجالاً للشك أن الهكسوس أو الحكام الرعاة قد جاءوا من هضبة الأناضول وحكموا مصر ما يقرب من 150 سنة. وإذا كان فرعون الخروج من الهكسوس كان على الباحث أن يفسر لنا لماذا يتخذ هذا الملك اسمًا مصريًا وهو (بر عا)، الذي تشير إلى البيت العظيم، أي القصر الملكي؟ هذا بالإضافة إلى أن هناك ضرورة أن نعرف أهم أسماء ملوك الهكسوس مثل «أبو فيس» و«خيان»؛ الذي ذكره المؤرخ المصري مانيتون السمنودي باسم (جناس).
نعرف أن عدد ملوك الهكسوس وصل إلى 32 ملكًا وبعد ذلك من ملوك الأسرة السابعة عشرة وصل عددهم إلى 43 ملكًا؛ وهؤلاء تركوا لنا تماثيل وآثارًا. وقد كتب بعضهم أسماءهم مسبوقة بلقب (سا رع) أي ابن الشمس، في إشارة إلى تمصر البعض منهم. وقد قام المؤرخ أفريكانوس بمحاولة جيدة لحصر أسماء كل ملوك الهكسوس الذين سُجلوا على آثارهم ولا سيما الجعارين التذكارية؛ كما قسم مانيتون عصر الهكسوس إلى ثلاث أسر حاكمة؛ ولذلك إذا كان هناك ملك يدعى بر عا فأين هو؟ ولماذا لم نعثر على خرطوش ملكي بداخله اسم بر عا مثل باقي الملوك المصريين أو حتى الأجانب الذين عاشوا في مصر وتمصروا؟ أما موضوع تفسير الاسم «بر - عا»، طبقًا لنظرية مصطفى وزيري فهذا موضوعنا القادم بإذن الله.