طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

السعودية والتدخل البري في سوريا

على أثر إعلان المستشار العسكري لوزير الدفاع السعودي استعداد الرياض لإرسال قوات برية لقتال «داعش» في سوريا انطلق نقاش، وجدال، هذا عدا عن ارتباك سياسي إقليمي، وتحديدًا من قبل إيران، حول هذه الخطوة، وهو ما تزايد مع إعلان الإمارات استعدادها للانضمام مع السعودية لمقاتلة «داعش» في سوريا.
وأول من استشعر جدية هذه الخطوة، أي إرسال قوات برية سعودية إماراتية إلى سوريا لمقاتلة «داعش» هو النظام الأسدي، وإيران، والجماعات المحسوبة عليهما، ولذلك هدد حزب الله العراق السعودية، لكن السؤال هنا هو: لماذا استشعر الأسد، وإيران، وأتباعهما، أهمية هذه الخطوة، وماذا عمن يحاولون الفهم أكثر، وهنا أتحدث عن الجادين، وليس المختفين خلف أستار مختلفة، حيث لم تعد التقية شيعية، بل إن التقية باتت سنية أيضًا؟ المؤكد أن هناك تساؤلات منها، مثلاً: كيف يمكن نجاح التدخل البري من دون غطاء جوي؟ وهل هذا يعني أن التحالف الدولي، وبقيادة أميركا، سيشكل الغطاء الجوي؟ وهل من قواعد اشتباك؟ مثلاً، ماذا لو تواجهت القوات الحليفة مع حزب الله في سوريا؟ وماذا لو حاصرت القوات الحليفة، والقوات البرية العربية «داعش» من جهة، وكان حزب الله، والقوات الإيرانية يحاصرونهم من ناحية أخرى، فكيف سيفسر ذلك مع ارتفاع المنسوب الطائفي في المنطقة؟
أسئلة حقيقية، لكن السؤال الأهم الآن، والذي يجب أن يطرح، لماذا لا تُشرح أبعاد هذه الخطوة؟ وما الهدف منها؟ مثلاً، ما أعلن الآن عن استعداد لتدخل بري بسوريا سمعته قبل ثلاثة أشهر من مصدر عربي رفيع المستوى، لكنني اعتقدته عصفًا ذهنيًا، أو مجرد أفكار، لكن اليوم نحن الآن أمام تصريح سعودي - إماراتي - بحريني، فماذا عن الأزمة السورية نفسها؟ ماذا عن مستقبل الأسد؟ وماذا عما تفعله روسيا هناك؟ والحقيقة، وهذه مرافعة لمن يدافع عن بشار الأسد بشكل مبطن، ومن باب «التقية السنية» فإن السعودية، مثلاً، لا تتهور، ولا تنهج منهج العداء، ولا تعلن عن حروب غير مبررة، فالحرب أساسًا معلنة في منطقتنا منذ عام 1979. ومن لا يراها فإن لديه خللاً حقيقيًا، أو هو من جماعة «التقية السنية». إيران تهددنا في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، والبحرين، وحتى في دولنا، ولديها ميليشيات مسلحة، وتتباهى، أي إيران، بأنها تحتل أربع عواصم عربية وهي بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء. إيران هي الطرف الذي أعلن الحرب، ومنذ الثورة الخمينية المشؤومة، وليس أحدًا آخر.
وعليه يبقى هنا سؤال مهم، وهو: لماذا لا يصار إلى تحرك دبلوماسي عربي حقيقي، بل قل انتفاضة، لنعرف من معنا، ومن ضدنا في قصة سوريا؟ ماذا عن مصر، وقطر، وتركيا والأردن؟ ولماذا لا تُشرح لنا دوافع التدخل البري العربي، فهل هو مبادرة، أم جزء من خطة تحظى بدعم دولي؟ وماذا عن المواجهة مع إيران، وروسيا، وما هو مصير الأسد؟ شرح يحيّد المتشكك، ويدعم المتفق، ويحجّم الخصوم.