سوسن الشاعر
إعلامية بحرينية تكتب في بعض الصحف البحرينية منها «الوطن» و«بوابة العين الإخبارية». عضو في مجلس أمناء «جائزة الصحافة العربية». كانت مقدمة لبعض البرامج التليفزيونية. خريجة جامعة بيروت العربية.
TT

«حقوق الإنسان».. الجولة الثانية لمشروع الشرق الأوسط الجديد

تتعرض المملكة العربية السعودية تحديدًا ومعها دول التحالف العربي، أي الدول الصامدة في وجه مشروع الشرق الأوسط الجديد، لضغط شديد من قبل القوى الناعمة، وأهمها الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان، وهي بحاجة لمؤازرة بعضها البعض وبحاجة لتنسيق المواقف والاستعداد المسبق للتصدي لهذه الأدوات، لهذا لا مجال للمجاملة حتى بين المملكة العربية السعودية وحلفائها العرب.
على السعودية أن تضغط على الإخوة في اليمن للقيام بدورهم لمساعدتها في المحافل الدولية حين يعقد مجلس حقوق الإنسان دورته 31 بعد أيام وبالتحديد في 29 فبراير (شباط)، إذ سيناقش المجلس تقرير لجنة تقصي الحقائق اليمنية الذي دافعت عنه السعودية وأجبرت الأمم المتحدة على قبوله، بدلاً من المقترح الهولندي، الذي طالب بلجنة تقصي دولية في اليمن، والسؤال هنا هل اليمن أدى ما عليه من واجب واستعد لهذا اليوم؟ وهل سيستمر الإجماع العربي والتنسيق العربي الذي تحقق في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 ضد المقترح الهولندي أم عدنا للنوم مجددا؟ يجب ألا تستهين السعودية بما يحاك لها في هذه المحافل، وعليها أن تبقى يقظة كما نراها في الرد على الهجمات الإعلامية التي تحيق بها من كل جانب.
لنتذكر أن الدورة 31 لمجلس حقوق الإنسان ستبدأ بعد أيام، أي في 29 فبراير، وستناقش موضوع لجنة تقصي الحقائق اليمنية الوطنية الذي من المفترض أنه جاهز ومعد، فإن تقاعست اللجنة اليمنية، فإن تقاعسها هذا لن يضر باليمن فحسب، بل سيضر بجميع دول التحالف العربي، فهناك نيات سلبية تبدت منذ الدورة السابقة وتبدو ملامحها واضحة بالتمهيد لاتهام التحالف بارتكاب جرائم حرب، الواضح أن التحالف العربي هو المستهدف خاصة بعد النجاح الذي يحققه ميدانيًا، فهذه الدول هي التي تصدت لمشروع الشرق الأوسط وهي الصامدة أمام هجماته.
استهداف «التحالف العربي» ما زال مستمرًا باستهداف المملكة العربية السعودية، وباستهداف دولة الإمارات والبحرين من قبل «القوى الناعمة» التي يستعين بها مبشرو الفوضى الخلاّقة، ولنتذكر فقط أن هولندا حين تقدمت بمقترحها كان وزير خارجيتها قد انتهى للتو من زيارته لإيران!!
الأخطر أن الحذر واجب من بعض القوى العربية المحلية التي تخاذلت وتحالفت مع من يريد إسقاط دول التحالف.. الحذر واجب من الذين طعنونا في ظهرنا من بعض المجموعات الحقوقية العربية؛ على سبيل المثال قامت مجموعة من 15 منظمة حقوقية عربية من الجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا باتهام السعودية بارتكاب جرائم حرب في اليمن، فقالت في بيانها في أكتوبر الماضي في الدورة السابقة، وهذا نص من بيانها: «إن إخفاق السعودية وغيرها من أعضاء التحالف، إضافة إلى الحكومة اليمنية، في التحقيق في الغارات الجوية التي تبدو غير مشروعة في اليمن، علاوة على غياب إجراءات المحاسبة من جانب سائر أطراف النزاع، تبرهن كلها على الحاجة إلى قيام مجلس حقوق الإنسان باتخاذ تحرك عاجل، ويتعين عليه أن يتحرك لكسر ثقافة الإفلات من العقاب في اليمن، وتبني قرار بتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق للتحقيق في مزاعم الإساءات والانتهاكات التي تمس القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان من قبل جميع الأطراف منذ سبتمبر (أيلول) 2014، بما في ذلك ما تم على خلفية الحصار الجوي والبحري المفروض من جانب قوات التحالف. وينبغي للتحقيق أن يثبت الوقائع، ويجمع ويحفظ المعلومات المتعلقة بالإساءات والانتهاكات، ويحدد هوية المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن الانتهاكات الجسيمة، بغية ضمان تقديمهم إلى العدالة في محاكمات عادلة».
وتسعى هذه المجموعة المتحالفة مع منظمة العفو في الدورة المنعقدة بعد عدة أيام لإخراج المملكة العربية السعودية من مجلس حقوق الإنسان!!
الهجمة ليست على السعودية فحسب، بل على دول التحالف العربي دون استثناء، فغدًا الإمارات وبعدها قطر والسبحة تتوالى، فمثلها تقدمت مجموعة من 16 منظمة حقوقية بحرينية بالتحالف مع منظمات حقوقية دولية بخطاب للدول الأعضاء الأربع والسبعين في مجلس حقوق الإنسان لتعيين مقرر خاص وإنشاء لجنة تقصي الحقائق للبحرين!! وقامت مجموعة منهم بالاجتماع مع السفير البريطاني لدى البحرين الأسبوع الماضي ونشرت صورة الاجتماع للضغط على حكومة مملكة البحرين.
إن نجاح التحالف العربي في فرملة المشروع في البحرين ومصر واليمن ما كان إلا جولة أولى فحسب من المعركة، وها هي «القوى المحلية العربية» التي خانت أمتها وخانت أوطانها والمتحالفة مع أصحاب مشروع الشرق الأوسط تعيد لملمة صفوفها تمهيدًا لإعادة الهجمة الثانية من موج ربيعها المقبور.
إن مسؤولية المملكة العربية السعودية تتجسد في حماية هذا التحالف وإبقائه يقظًا من تخاذل بعض أعضائه أو تهاونهم أو تساهلهم، وأن تنفض عنها أي كياسة أو دبلوماسية أو مراعاة، فالاستعداد لهذه المحافل (الإعلامية ومنظمات ومجلس حقوق الإنسان) لا يقل أهمية عن الاستعداد للميادين العسكرية في معركة الصمود أمام جحافل الشرق الأوسط الجديد.