طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

السعودية والعراق.. تعاون أم تهديد؟

في مقابلة نشرت في صحيفتنا هذه السبت الماضي، قال وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي إن حكومة بلاده الحالية «أعلنت عن توجهها السياسي بالانفتاح على كل الأشقاء العرب ومن دون استثناء». وتحدث الوزير عن السعودية تحديدا بالقول إنها «دولة مهمة لها ثقلها، ومكانتها العربية والإسلامية والإقليمية والدولية ونحتاج إلى مساعدتها، وإذا تلقينا دعوة لزيارة المملكة فإننا على استعداد لتلبيتها، واللقاء مع الإخوة والقيادات السعودية. ومن المؤكد أن تعاون السعودية معنا سيكون له أثر كبير في محاربة (داعش)».
وبالطبع فإن تصريحات الوزير هذه تعد إيجابية، ومصدر سعادة لكل العقلاء، إلا أنه بالأمس نقلت وكالة أنباء «رويترز» خبرا لافتا تحدثت فيه عما وصفته بردود الأفعال «العنيفة» لمشرعين عراقيين شيعة، ردا على تصريحات للسفير السعودي بالعراق ثامر السبهان، والذي نقل عنه قوله بحديث مع قناة «السومرية» التلفزيونية العراقية، إن قوات الحشد الشعبي، وهي تحالف من جماعات شيعية مسلحة تدعمه إيران لقتال «داعش»، يجب أن تترك قتال «داعش» للجيش، وقوات الأمن الرسمية، وذلك لتجنب تصعيد التوترات الطائفية.
وعلى أثر تصريح السفير السعودي هذا ضج بعض النواب العراقيين الشيعة، وصدرت عدة تصريحات متشنجة، ومتطرفة، كان أبرزها مطالبة عواطف نعمة، النائبة عن ائتلاف دولة القانون، بـ«ضرورة طرد السفير السعودي من العراق فورا، وتلقينه درسا في احترام البلد الذي يضيفه، وفي حال بقائه سيلاقي ما لا تحمد عقباه»! ولا ندري هل المقصود هنا هو مهاجمة السفارة السعودية بالعراق، وعلى غرار ما حدث للسفارة السعودية في إيران من اعتداء همجي؟
المؤكد هو أنه يجب أن تؤخذ هذه التصريحات الانفعالية الطائفية على محمل الجد، لكن هل تعد تصريحات السفير هذه غير مقبولة، بينما يمكن قبول تصريحات رئيس الوزراء العراقي نفسه عن أحكام الإعدام الأخيرة في السعودية بحق إرهابيين؟ وهل هذا هو رد فعل المشرعين العراقيين على نصيحة السفير السعودي، والتي لم يقلها وحده، بل قالها العالم أجمع بأنه من الضرورة أن لا يكون قتال المتطرفين بالعراق وفق منطق طائفي، وإنما يجب أن يترك هذا العمل للدولة وذلك تفاديا للتصعيد الطائفي؟ وكيف يمكن أن نصدق أن العراق يريد التعاون مع السعودية، بينما يتم تهديد السفير السعودي الآن لأنه قدم نصيحة صادقة، والجميع يرددها؟
الواضح أن في العراق من يريد التخريب على أي تقارب عراقي - عربي، وتحديدا مع السعودية، والمستفيد من كل ذلك هو إيران، ولذا فالواجب أن يكون هناك تواصل سعودي عراقي، ورغم كل هذه التصريحات، وأن لا تترك الساحة العراقية للإيرانيين، والمتطرفين. وليس المطلوب هنا التدخل بالشأن العراقي الداخلي، وإنما عدم الانكفاء، أو أخذ رد فعل آني، المطلوب هو مزيد من التواصل، وتفويت الفرصة على المتطرفين، وتقليص مساحة المخربين للعلاقات السعودية العراقية، وكذلك إقامة الحجة على نظام بغداد نفسه.