جوش روجين وإيلي ليك
TT

التقييمات الاستخباراتية الأميركية حول «داعش» والتلاعب بها

تجري حاليًا عدة تحقيقات داخل دائرة الاستخبارات و«كابيتول هيل» حول ما إذا مسؤولون استخباراتيون رفيعو المستوى بالقيادة المركزية الأميركية بدلوا تقديرات استخباراتية عن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش. ومن المقرر أن يلتقي الشخص الرئيسي الذي أثار هذه القضية مع أعضاء بارزين بمجلس الشيوخ لتناول هذا الأمر. واللافت أنه بجانب التحقيق الذي يجريه المفتش العام لدى «البنتاغون» حول مزاعم أثارها العشرات من المحللين الاستخباراتيين بخصوص التلاعب في التقييمات الاستخباراتية، شرع مفتشون عموميون آخرون داخل دائرة الاستخبارات ولجنتي مراقبة داخل الكونغرس في إجراء تحقيقات خاصة بهما، تبعًا لما أفادته شخصيات بارزة داخل الكونغرس ودائرة الاستخبارات.
ومن المقرر أن يجري توسيع نطاق التحقيقات الراهنة التي يجريها الكونغرس من خلال تفحص مزاعم التلاعب بتقديرات استخباراتية خلال الفترة السابقة لشن حرب ضد «داعش».
وقد التقى بالفعل أعضاء من اللجنة المنتخبة من مجلس الشيوخ المعنية بالاستخبارات ولجنة شؤون الخدمات المسلحة بالمجلس ذاته مع المصدر الرئيسي الذي أثار القضية لمناقشة المزاعم المثارة بهذا الشأن. ويعمل رؤساء اللجنتين من أعضاء الكونغرس على تحديد موعد آخر لعقد لقاء جديد معه قريبًا.
في هذا الصدد، قال جون ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة: «نحن مهتمون بالأمر». وفي سؤال له حول ما إذا كانت مزاعم التلاعب في التقديرات الاستخباراتية تتجاوز التقارير التي تتناول الحرب المستمرة منذ عام ضد «داعش» أجاب: «هذا ما أفهمه، لكن لا أملك دليلاً قويًا على ذلك. ولهذا السبب تحديدًا نعقد هذا الاجتماع».
من ناحية أخرى، قال ديفين نيونز، رئيس اللجنة المنتخبة الدائمة لشؤون الاستخبارات داخل مجلس النواب، إنه «بالتعاون مع عدد من اللجان الأخرى المعنية داخل المجلس، شرعوا في إجراء تحقيق حول الادعاءات الأخيرة بخصوص التلاعب في تقارير استخباراتية، إضافة لاتهامات سابقة بأن الاستخبارات جرى كبتها داخل القيادة المركزية الأميركية». وأضاف: «نشجع المزيد من الأفراد على التقدم والكشف عما لديهم من معلومات بهذا الشأن. وقد أطلقنا عملية لجمع المعلومات في هذا الصدد، ونعمل بصورة وثيقة مع جميع اللجان التابعة للكونغرس بهدف تنسيق الجهود».
كما أخبرنا نيونز بأن كثيرًا من المفتشين العموميين داخل مجتمع الاستخبارات يعكفون حاليًا على التحقيق في الادعاءات الصادرة عن محللين استخباراتيين لدى القيادة المركزية.
وفي حديث لها معنا، قالت أندريا ويليامز، المتحدثة الرسمية باسم المفتش العام لمجتمع الاستخبارات، أن مكتبها «لا يجري تحقيقًا موازيًا أو مشتركًا حول المزاعم المثارة بخصوص نشاطات داخل القاعدة المركزية. إننا نقدم معاونة ربط للمفتش العام التابع لوزارة الدفاع».
وقالت: «هدفنا ضمان أننا بنهاية التقييم نعرف ما إذا كانت المعلومات الاستخباراتية التي قدمت إلى صانعي قرار فيدراليين رفيعي المستوى جرى تحليلها بالاعتماد على القواعد والتنظيمات المناسبة».
يذكر أن جذور الفضيحة الاستخباراتية تعود إلى يوليو (تموز) الماضي، عندما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن المفتش العام لدى البنتاغون بدأ تحقيقًا حول مزاعم بتعرض تحليلات استخباراتية للتشويه من قبل ضابط استخباراتي رفيع المستوى داخل القيادة المركزية. وأخبرنا مسؤولون استخباراتيون أميركيون أن الاعتراضات بدأت عندما اشتكى محلل استخباراتي مسؤول عن شؤون العراق لأكثر من 13 عامًا لدى القيادة المركزية، من أن التقييمات الصادرة عن وحدته تتعرض للرفض أو التشويه قبل وصولها لصانعي القرار.
يذكر أن مسؤولين كبارًا، مثل وزير الخارجية جون كيري، اعتمدوا على إحصاءات متفرقة لإظهار إحراز تقدم، لكن هذه الأرقام غالبًا ما كانت تعجز عن الصمود أمام التفحص الدقيق.
من جهته، اعتاد الجنرال جون ألن، مبعوث الرئيس للتحالف ضد «داعش»، الذي قدم استقالته مؤخرًا، أن يصف قيادات «داعش» بالعراق بأنهم قتلوا؛ مما يعد مبالغة واضحة.
من جهته، أخبرنا نيونز أنه ينظر في الشكاوى التي وردت في وقت مبكر بخصوص تعرض محللي الاستخبارات لضغوط قبل الحرب الحالية ضد «داعش». الأسبوع الماضي، أشارت «فوكس نيوز» و«ويكلي ستاندرد» إلى أن نيونز عام 2012 وصل لمقر رئاسة القيادة المركزية في تامبا لعقد اجتماع مع محللين عملوا على الوثائق التي جرت مصادرتها عام 2011 خلال غارة على مجمع سكني كان يقطنه أسامة بن لادن في باكستان، لكن تم إخطاره بعد وصوله أنه ليس هناك محللون يعملون ذلك اليوم تحديدًا. وقال نيونز إنه علم لاحقًا أن هذا ليس صحيحًا.
وقد يدرك نيونز في نهاية الأمر أن المشكلة كانت في القيادة المركزية، لكن إذا أدان التحقيق الذي يجريه قيادات رفيعة أخرى بالاستخبارات الأميركية، فإن القضية قد تصبح حساسة للبيت الأبيض.
يذكر أن إدارة أوباما حتى الآن لم تواجه فضيحة استخباراتية كبرى على غرار تلك التي أضعفت جورج دبليو. بوش بعد غزو العراق. ومع ذلك، تبقى الحقيقة أن إدارة أوباما لم تواجه من قبل قط ثورة بحجم الثورة المستعرة داخل القيادة المركزية الآن.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»