علي سالم
كاتب ومسرحي مصري. تشمل أعماله 15 كتابا و27 مسرحية أغلبيتها روايات ومسرحيات كوميدية وهجائية، كما نشر تعليقات وآراء سياسية خاصةً بشأن السياسة المصرية والعلاقات بين العالم العربي وإسرائيل
TT

انتبه.. كافح من أجل أن تكون سعيدًا

امض في طريقك في رضا بين الضجيج والتسرع وتذكر ما في السكون من سلام. وبقدر استطاعتك وبغير تنازل، كن على علاقة طيبة بكل الناس. قل حقيقتك بهدوء ووضوح، واستمع للآخرين؛ فحتى الحمقى والجهلاء، هم أيضا لهم حكاياتهم. تجنب العدوانيين أصحاب الأصوات العالية فهم مصدر إزعاج للروح.. إذا قارنت نفسك بالآخرين فقد تشعر بالمرارة وخيبة الأمل لأنه سيكون هناك دائمًا من هم أعظم أو أقل منك شأنا.
استمتع بإنجازاتك ومشاريعك وواصل اهتمامك بعملك مهما كان متواضعًا لأنه يمثل موقعًا حقيقيًا في مواجهة تقلبات الزمن. كن حذرًا في ممارسة حياتك العملية، فالدنيا مليئة بالخداع ولكن لا تدع ذلك يعمي عينيك عن وجود الفضيلة في الحياة، هناك أشخاص يصارعون من أجل المثل العليا في كل مكان.. وفي كل مكان في الحياة ستجده مليئًا بالبطولات. كن نفسك.. لا تصطنع المودة ولا تكن عابثًا بشأن الحب لأنه في مواجهة البوار يظل نضرًا كحشائش الحقل.. استمع برفق لمشورات السنين التي تعطيها للشباب، واهتم بتغذية روحك فهي درعك الذي يحميك من سوء الحظ المفاجئ. لا تزعج نفسك بالتخيلات، فكل المخاوف ناتجة عن الشعور بالوحدة والتعب.. وفي هذا العالم الجميل عليك أن تكون رقيقا مع نفسك.
أنت طفل هذا العالم.. أنت لست أقل من الأشجار والنجوم.. أنت لك الحق في أن توجد هنا، وسواء كان ذلك واضحًا لك أم لا.. فالكون يكشف لك عن نفسه كما ينبغي.
كن في علاقة سلام مع ربك، ومهما كانت درجة تعبك في تلك الحياة المزعجة، كن في سلام مع روحك. فعلى الرغم من كل الزيف والأحلام المجهضة، تظل الحياة جميلة.
انتبه.. كافح من أجل أن تكون سعيدا.
استمعت لهذه القصيدة لأول مرة في حياتي على شريط كاسيت منذ ربع قرن تقريبًا في مدينة آن أربر، ميشيغان، يؤديها الممثل العبقري ريتشارد بيرتون. وصاحبتني طوال السنين الماضية، كنت أستمع إليها عندما كانت الدنيا تضيق بي أو أضيق أنا بها، بعدها كنت أشعر أنني أفضل حالا. بحثت عن المؤلف لأستمتع بقراءة بقية أشعاره ففوجئت أن المؤلف مجهول وأنه تم العثور عليها في كاتدرائية في القرن السادس عشر. وهذا الأسبوع وجدتني في حاجة إليها، بحثت عنها على الشبكة العنكبوتية فوجدت أن أبحاثا في جامعة كولومبيا أثبتت أن مؤلفها هو ماكس إهرمان (1927) الذي كان يعمل مدعيًا عامًا ولم يكتب في حياته غيرها. مشكلتي هي أنني عاجز عن تصديق أن فنانًا يكتب هذه القصيدة ثم يقلع عن هذه العادة لأي سبب من الأسباب.
إذا كان لديك الوقت والرغبة، ابحث عنها لتكتشف أنه لم يحدث في التاريخ أن قصيدة شعرية بهذه السطور القليلة قوبلت بمثل هذه الحفاوة، لقد غنوها أيضا ليس في أغنية واحدة بل في عدد من الألحان الجميلة.. ابحث عن (Desiderata) واستمع وادع لي.
ولا بأس من أن أطلب من أصدقائي المسرحيين، أن يتنبهوا لوجود كنوز مسرحية وشعرية مسجلة على أسطوانات مدمجة، على الأقل ستستمتعون بتسعين دقيقة من الأشعار بأداء ريتشارد بيرتون وغيره من عباقرة المسرح الإنجليزي.. استعدوا لموجة مسرحية قادمة.. قوية وجميلة.