يحيى مكتبي
الأمين العام للائتلاف الوطني السوري
TT

تجميد القتال في سوريا مطلب وطني محق

لا يمكن النظر إلى وجهة نظر الائتلاف الوطني السوري تجاه مبادرة دي ميستورا، أو أفكار ميستورا كما وصفتها القوى الثورية في حلب، إلا ضمن زاويتها الحقيقية الوطنية المحقة وإلا ضمن نطاقها وأبعادها والتي تتلخص بإصرار الائتلاف أن يشمل تجميد القتال مناطق سورية وليست مدينة حلب فقط.
المختصر المفيد في هذا الخصوص أن تجميد القتال يجب أن يشمل مناطق أخرى بالإضافة إلى حلب كغوطة دمشق التي تعاني من الحصار منذ أكثر من سنتين وسط أعداد متزايدة من الضحايا، بالإضافة إلى القصف الذي لم يتوقف حتى أثناء وجود دي ميستورا نفسه في دمشق.. حيث لا يمكن أن نتحدث عن تجميد القتال في منطقة ونترك بقية المناطق تعاني وترزح تحت مختلف أنواع الأسلحة التي يستخدمها النظام ضد السوريين، ولا يمكن أن نمنح بهذا التجميد المرحلي، الأكسجين إلى النظام لنتركه يتنفس ونخفف الضغط الذي يعانيه جراء ضربات الجيش الحر شمالا وجنوبا، ولا يمكن أن نتركه أيضا إذا وافقنا على تجميد القتال في بعض مناطق حلب فقط أن يوجه عتاده ويركز جيشه إلى بقية مناطق سوريا.
المشكلة في مبادرة دي ميستورا أنها تشمل فقط أجزاء من مدينة حلب مثل حي صلاح الدين وجزءا من حي سيف الدولة وليس جميع مناطق حلب، ليطبق مبادرته، كما يشير، من المناطق الساخنة بين الجيش الحر وقوات النظام، ولكن كل المناطق اليوم باتت ساخنة ومشتعلة ومبادرة المبعوث الأممي وخطة تجميد القتال في حلب تختلف عن مطلب الائتلاف الرئيسي في توفير منطقة آمنة لحماية المدنيين في شمال سوريا.
مما سبق كله لا يعني أن الائتلاف لا ينظر بإيجابية إلى أي مبادرة، ولكن ما نحب أن نؤكد عليه هو أن النظام سيسقط في اختبار تجميد القتال كما سقط في الاختبارات السابقة، حيث إنه لم يف بتعهداته محليا ولا دوليا، ولا سيما في الهدنات التي عقدها مع الثوار بدمشق وحمص، كما ما زال حبر جنيف لم يجف ليبقى واضحا تعنت النظام ورغبته في مزيد من القتل والتدمير.
لم يلتزم النظام يوما بأي مبادرة لإنهاء معاناة السوريين، وإيقاف نزيف الدماء ولو كان لديه نية للحل لتوقف عن قصف المدنيين والمناطق السورية ولا سيما مدينة حلب التي استخدم البراميل المتفجرة بكثافة في قصفها ولم يوقفه مبعوث أممي أو لجنة أو وفد أو بيان أو مناشدة.
كما أن أفكار الإرهاب والتطرف وتنظيم داعش لا توجد في مدينة حلب كما يدعي النظام ومع ذلك فإن حلب تدمر بكاملها وسط سكوت المجتمع الدولي، والذي تكمن مسؤوليته في اختبار مصداقية الأسد لأن الشعب السوري اختبر النظام ولديه قناعة تامة أن الذي ارتكب كل هذه الجرائم ودمر البلاد لا يمكن أن يكون صادقا في رغبته في أي حل سياسي، خصوصا أن أفعاله في كل سوريا تثبت عكس أقواله وتصريحات أركانه.
لقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير أصدرته مع مطلع مارس (آذار) الحالي، وثقت مقتل 1251 شخصا على يد قوات النظام في فبراير (شباط) الماضي، وأوضحت أن 26 في المائة من هؤلاء الضحايا هم نساء وأطفال، فكيف يمكن أن نتحدث عن نظام قد ينفذ مبادرة؟
إن جميع القوى العسكرية والسياسية يريدون دون شك وقف القتل الهمجي بحق السوريين من قبل النظام، وما مطالب القوى السياسية والعسكرية في حلب بتوسيع مبادرة دي ميستورا لتشمل مناطق سورية عدة بالإضافة لمدينة حلب وعلى أرضية حل شامل للمأساة السورية يتضمن رحيل الأسد وأركانه ومحاسبتهم، وما تأكيد القوى أن الدم السوري واحد وكل لا يتجزأ في شمال سوريا وجنوبها وكل أنحائها، إلا مطالب محقة، وتعكس موقفا وطنيا بامتياز وعليه إجماع سوري يعبر عن وحدة القوى السياسية والعسكرية حول الحل السياسي في سوريا.

* الأمين العام للائتلاف الوطني السوري