خالد البسام
كاتب ومؤرخ بحريني
TT

امدح نفسك

في رواية «كازانوفا» يقول صديق البطل: «إذا لم تحب نفسك فسوف تضيع، لأن الإنسان الذي لا يحب نفسه مليء بالهواجس والشكوك. إننا نحيا ونبقى على قيد الحياة لأننا واثقون بأنفسنا، فلاعبة الحبل في السيرك تهوي إلى الأسفل حين يتطرق الشك إلى قلبها، وكذلك المبارز بالسيف يموت. علينا أن نحشى الخوف أكثر مما نخشى الخنجر».
وهناك تقارير ونظريات جديدة في علم النفس في الغرب تتحدث اليوم عن شيء اسمه «امدح نفسك». فمدح النفس يؤدي دائما إلى تعافي الصحة النفسية لجميع المرضى بل وللأصحاء أيضا.
غير أن المقصود ليس أن نكون مغرورين بأنفسنا أو متعالين عن غيرنا من البشر، الذين سوف يكرهوننا بطبيعة الحال، وهو ما سيؤثر سلبا على المرضى الذين يودون العلاج، فالمطلوب هو مدح الذات مع نفسك.
ومدح الذات مع النفس يعني أنك عندما تقف أمام المرآة وتشاهد نفسك بعد الحلاقة فعليك أن تقول إنني جميل ولا يوجد عيب عندي ولا شيء ينقصني، وطبعا هذا الكلام لا يحتاج قوله لأي امرأة عاقلة!
وعندما يقوم الإنسان بعمل جميل وربما رائع فإن هذا سوف يعطيه طاقة نفسية إيجابية عظيمة في الحياة.
وعلى عكس ذلك فعلماء النفس اليوم يرون أن الكثير من المرضى في العالم مصابون بمرض وهمي اسمه «تحقير الذات»، وهو يعني باختصار أن كل ما يقومون به مهما كان عملا عظيما وجميلا فهو عندهم لا شيء! وفي داخل قلوبهم هو شيء سخيف وتافه لا يستحق الذكر ولا أن يقولوا لأنفسهم حتى كلمة صغيرة هي «شكرا».
وأكثر من ذلك تبين أن أصحاب هذا المرض الوهمي ينكرون أي مديح أو ثناء يقابلهم به أصدقاؤهم وأحباؤهم، أحيانا بسبب الشك وأحيانا بسبب كره النفس!
وإذا كانت الدنيا أمس واليوم أيضا كرا وفرا، فبينما يمدح بشر أنفسهم لمجرد أنهم قاموا بعمل تافه وبسيط جدا أمام كل الناس ويتباهون به، نجد بشرا آخرين يتواضعون أمام الآخرين لدرجة فظيعة مع أنهم قاموا بأعمال أكثر من رائعة!