باري ريتهولتز
TT

تكهنات سوقية لعام 2015

جاء الموسم السنوي مجددا، حيث شرعت الأصوات المعتادة في طرح تكهناتها لعام 2015 بخصوص الأسواق ومعدلات الفائدة والذهب والنفط والنمو الاقتصادي والبطالة. في الواقع، يمكنك ضبط التقويم على هذه التوقعات، لكن عليك أولا التأكد من نسيانك لسجلاتها الماضية الفكاهية في أغلب الأحيان.
ومثلما شرحت من قبل كثيرا وبالتفصيل، فإن مثل هذه التكهنات ليست سوى مضيعة للوقت. «أما أنا فالاستثناء الوحيد لهذه القاعدة، وهو ما يمكنك التأكد منه بمراجعة تكهناتي الصائبة لعام 2014».
بيد أن ذلك لا يعني أن مثل هذه التكهنات تحمل أضرارا محتملة لإمكانية تأثيرها نفسيا في التجار والمستثمرين على حد سواء. ذات مرة، قال الخبير الاقتصادي جون كينيث غالبريث: «الوظيفة الوحيدة للتكهنات الاقتصادية هو جعل علم التنجيم يبدو جديرا بالاحترام».
ودعونا نلقي نظرة على بعض توقعاتي المفضلة لعام 2014. واحرصوا على وضعها نصب أعينكم عندما تقرأون توقعات 2015.
* انهيار السندات: يناير (كانون الثاني) الماضي، ظهرت تكهنات اتفقت الآراء حولها بارتفاع عوائد السندات وتراجع أسعارها. وبدأ العام بعائد بلغ قرابة 3 في المائة، وانتهى عند مستوى 2.15 في المائة، الأمر الذي أذهل الخبراء. وقد أوضح جيم بيانكو من شركة «بيانكو ريسرتش» أن ظاهرة فقدان أموال السندات مستمرة لـ5 سنوات تقريبا.
* التضخم: تعج الساحة الاقتصادية بجثث الخبراء الاقتصاديين ومديري الصناديق الاستثمارية على حد سواء، الذين قضت عليهم تكهناتهم الاقتصادية الخاطئة. وهنا، يستحق التكهن الذي أطلقه مايكل أرونستاين في يناير 2014 عبر صحيفة «فاينانشيال تايمز» اهتماما خاصا. كان صندوق «مينستاي ماركتفيلد» الذي يتولى إدارته «حديث الصناعة»، حسب وصف الصحيفة، وذلك لنجاحه في زيادة حجمه بمقدار 4 أضعاف خلال عام 2013 إلى 18 مليار دولار، مما أكسبه القدرة على اجتذاب أموال تفوق أي صندوق استثماري آخر. ومثلما حدث مع الغالبية العظمى من الحالات، فإن السير على نهج مديري الأموال يؤدي لكارثة، حيث أسفر رهان أرونستاين الخاطئ على التضخم لخسارة الصندوق 12.5 في المائة عام 2014، وهو عام كانت السندات خلاله إحدى أفضل فئات الأصول من حيث الأداء.
- انهيار سوق الأسهم: ظهرت الكثير من التكهنات الخاطئة بخصوص انهيار أسواق الأسهم لدرجة تجعل من الصعب تحديد أي منها يستحق أن نوليه اهتماما خاصا. إلا أنني سأهتم هنا بحالتين؛ أولهما، عندما خرج علينا تيري برنهام، البروفيسور بجامعة تشابمان، بتوقعه بتحقق داو جونز 5.000 قبل داو جونز 20.000. ورغم أنه من الناحية الفنية لم يثبت خطأه بعد، فإنه على امتداد السنوات التي كرر خلالها هذا التوقع، اكتسبت السوق قرابة 40 في المائة، وهذا يجعله مخطئا بما يكفي من وجهة نظري. أما النموذج الثاني، فكان مقالا نشرته مجلة «فورتشن» بعنوان «لماذا يمكن أن تنتهي السوق المزدهرة غدا». كان المقال يعج بتكهنات حول السبب وراء توقع الكثير من «المتكهنين الأذكياء» بأن السوق على وشك أن تبلغ ذروتها. وقد كان ذلك في وقت كان مؤشر داو جونز الصناعي أقل من مستواه الحالي بمقدار 2000 نقطة، وكان مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أقل من مستواه الراهن بـ200 نقطة.
* الذهب: اتسمت التكهنات المرتبطة بالذهب بمستوى خاص من الرداءة. وهنا ينبغي أن نولي اهتماما خاصا لأعلى هذه التكهنات صوتا وأكثر شهرة، وهي تلك التي أطلقها بيتر شيف، من «يورو باسيفيك كابيتال». في أبريل (نيسان) الماضي، أطلق شيف تكهنه الجريء بأن برنامج التخفيف الكمي الذي يطبقه الاحتياطي الفيدرالي سيدفع أسعار الذهب إلى 5000 دولار للأوقية. وقد بدأ الذهب العام عن مستوى منخفض بلغ 1200 دولار، ثم ارتفع إلى 1400، قبل أن يتراجع بشدة نحو 1150 دولارا. وقد ودع عام 2014 عند مستوى أقل قليلا عن 1200 دولار مع انتهاء برنامج التخفيف الكمي الخاص بالاحتياطي الفيدرالي. ولا يزال سعر الذهب بعيدا عن المستوى الذي حدده شيف بنسبة 80 في المائة تقريبا.
* النفط: لم يتوقع أحد تقريبا انخفاض أسعار النفط للنصف خلال عام 2014. وقد غفل المتحذلقون جميعا هذه النقطة. أما الاستثناء الوحيد الجدير بالذكر هنا فهو جين أبستين، الذي أشار في مقال نشرته مجلة «بارون» في مارس (آذار) 2014 إلى إمكانية وصول أسعار النفط لـ75 دولارا للبرميل. وشرح في مقاله أن «الرؤية طويلة الأمد لأسعار النفط العالمية أقل، وربما أقل بكثير، الأمر الذي سيوفر دفعة قوية للاقتصاد الأميركي مع احتمالات الإضرار بالاقتصاد الروسي في ظل رئاسة فلاديمير بوتين. ويمكن أن تؤدي الاكتشافات الضخمة الجديدة للنفط والغاز الطبيعي داخل الولايات المتحدة وبمختلف أرجاء العالم لدفع أسعار النفط نحو الانخفاض لمستوى قد يصل لـ75 دولارا للبرميل على مدار السنوات الخمس المقبلة بدلا من المستوى الحالي البالغ 100 دولار للبرميل». ورغم أنه جانبه الصواب لحد ما بخصوص التوقيت، لكن يبقى هذا التوقع المرتبط بالنفط جيد، وأكثر ما يميزه هو تفرده في وقت غفل باقي الخبراء الاقتصاديين عن هذه الاحتمالية.
عاودوا زيارتنا العام المقبل كي نراجع معا أسوأ التكهنات الاقتصادية لعام 2015.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»