سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

حقوق الضعيف وضعف القوة

الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة لمواجهة الإعصار الجديد في وجه القضية الفلسطينية والعالم العربي. وما دامت الحرب غير واردة إلا في البيانات الإيرانية، فالسلاح الوحيد الباقي هو الدبلوماسية. والدبلوماسية هي أيضاً سلاح الأقوياء ووسيلة المنتصر. ونحن لا أقوياء ولا منتصرون. ولا نكفُّ عن تأنيب أنفسنا وتعداد هزائمنا والعويل على أحوالنا. لكننا ننسى دائماً وينسى معنا الآخرون، أننا موجودون وأصحاب حق وأرض وتاريخ. وباعتبارنا أصحاب حقوق، يجب أن نُعامَل بهذه الصفة وألا نذهب إلى أي مفاوضاتٍ إلا بهذه الصفة أيضاً. الهزيمة والنكسة والفِرقَة والتخلّف لا تمحو التاريخ ولا تغيّرُ الجغرافيا. لذلك اعتبر الأمير تركي الفيصل أن ما عُرِضَ على العرب في «صفقة القرن» هو أمرٌ مشين.
عاش الدكتور عمرو موسى، دبلوماسياً وأميناً عاماً للجامعة العربية وسفير مصر لدى الأمم المتحدة طوال عشر سنوات ووزير خارجيتها، أبرز وأهم المراحل في الصراع العربي - الإسرائيلي. وطوال هذه الحقبة كان يُعتَبَرُ من «الصقور»، وهو ما أوحى بتلك الأغنية الشعبية «بحب عمرو موسى وبكره إسرائيل». لكنّه يدعو الآن إلى الإصغاء إلى ما هو معروض بدل الرفض المسبق. ويعلل ذلك بحججٍ كثيرة؛ منها أن من عادة العرب وطبائعهم ألا يدققوا فيما هو أمامهم. وبكل بساطة لم أستطع أن أستوعب موقف الدبلوماسي الكبير. فالمشكلة في الأساس هي نقطة الانطلاق، وما هو معروضٌ على العرب والفلسطينيين لا يشكّل مدخلاً إلى التفاوض، بل عقبة كبرى كما قال الأمير تركي الفيصل المُنخَرِط في السياسات العربية الأساسية، منذ أكثر من نصف قرن.
يخطُرُ لي في مثل هذا الجدل المتجدد، دون أي جدوى، منذ عقودٍ طويلة، أن نحتكم ليس إلى العرب والفلسطينيين باعتبارهم فريقاً أساسياً، وإنما إلى حياديين نزهاء مثل الدول الأوروبية والحزب الديمقراطي الأميركي وكبار كتّاب أميركا ومفكريها، خصوصاً اليهود منهم الذين يؤيدون إسرائيل في معظم الحالات. هؤلاء جميعاً اعتبروا أن الصفقة لا تُصلِحُ للتفاوض. ومن بينهم 107 أعضاء ديمقراطيين في الكونغرس، رفضوا هذا العرض. ومعروفٌ أن الحزب الديمقراطي مؤيدٌ تاريخي لإسرائيل مهما كانت سياستها أو كان الحزب الحاكم فيها.
إضافة إلى كلّ هذه المواقف وهؤلاء الشهود أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أن الشرعية الدولية بكلِّ قراراتها ووثائقها تقف في هذا الخلاف إلى جانب الفريق الفلسطيني. في حين يقول نتنياهو إنه ليس من حق الفلسطينيين التدخّل في موضوع غور الأردن. أي أنه يحق لإسرائيل أن تضمّ الغور والمستعمرات والقدس وتمنع حقّ العودة ولا يحق لا للأردن ولا للفلسطينيين ولا للعرب ولا للمجتمع الدولي بِرُمَته الاعتراض على خطوة في مثلِ القباحة.