علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

بالأرقام

في منتصف السبعينات من القرن الماضي، كانت السعودية تخطط لإنشاء مدينة تهتم بصناعتي النفط والكيماويات، فوقع الاختيار على مدينتي الجبيل وينبع. في حينها سخر بعض المراقبين الدوليين والمهتمين بهذه الصناعة منا، ووصفوا رغبتنا في الإنجاز بأنها حلم لن يتحقق، اليوم مدينتا الجبيل وينبع تتربعان على عرش الصناعات البتروكيماوية في العالم.
مر بذهني تاريخ إنشاء المدينتين، حينما قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة المنطقة الشرقية، لأنها تؤسس لحلم جديد، وبالذات في صناعة المعادن. وهذه المرة، لن يسخر منا المراقبون، لأنهم اختبروا عزيمتنا في الجبيل وينبع.
دعوني أبدأ معكم من مشاريع شركة معادن السعودية، وستتساءلون لماذا لم أبدأ بصناعة النفط؟ لم أبدأ بالنفط، لأنه ببساطه شركة «أرامكو السعودية» الأولى عالميا. في رأس الخير تم تطوير عدد من المشاريع، منها تطوير المرحلة الثالثة للفوسفات، ليصل الإنتاج إلى 3 ملايين طن بتكلفة 24 مليار ريال (6.4 مليار دولار)، ولن نصل إلى ذلك سوى عام 2024.
رغم حداثة شركة معادن السعودية فإنها في قائمة الشركات العشر الأولى عالميا، فكيف وصلنا إلى ذلك؟ وصلنا إلى ذلك عبر ضخ الحكومة السعودية 130 مليار ريال (34.6 مليار دولار) دعما لمناطق التعدين، تمثلت في القطارات، والموانئ، ومحطات الكهرباء، والمياه، وإمدادات الغاز. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن مشروع قطار الشمال الذي يبلغ طوله 3 آلاف كيلومتر، وباستثمارات بلغت 25 مليار ريال (6.6 مليار دولار) يربط شمال المملكة بجنوبها وشرقها بغربها مرورا بالوسط، أي أن القطار الذي أطل من رأس الخير خدم جميع مناطق المملكة.
لم يتم هذا الإنجاز في رأس الخير الصناعية إلا بتعاون كامل بين جميع الأجهزة الحكومية المعنية مثل وزارة الطاقة والنقل والمالية وغيرها من الوزارات المعنية بالبنية التحتية، أو الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص الذي توليه الحكومة السعودية عنايتها وتفتح له الطريق للأخذ بالمشاريع.
فما الذي جنيناه من الدعم اللامحدود لقطاع التعدين؟ ببساطة شديدة ودون تنميق، ولأن لغة الاقتصاد تختلف عن لغة الأدب، ففيما يعتمد الثاني على الإنشاء يعتمد الاقتصاد على الأرقام. لذلك فإن قطاع التعدين سينتج للدخل القومي السعودي 240 مليار ريال (64 مليار دولار) سنويا، أي أننا لن نعتمد على النفط، بل سيدخل التعدين رافدا من روافد الدخل القومي.
ولأن عنواني بالأرقام، فإن مشاريع النفط والغاز التي دشنها الملك بلغت قيمتها 160 مليار ريال (42.6 مليار دولار)، فيما أعلن وزير الإسكان أن وزارته بصدد إنشاء مائة ألف وحدة سكنية بالأحساء. وسيتم تطوير مدينة الملك فهد الجامعية للبترول والمعادن عبر ضخ 2.7 مليار ريال (0.72 مليار دولار).
هذا ببساطة ما أنجزته الزيارة خلال أيام معدودة.