الدراجات النارية.. السلامة أولاً

لا تزال حوادث السير بأنواعها أحد الأسباب المهمة للوفيات، ليس لارتفاع أرقامها فحسب، بل لأنها من أسباب الوفيات التي يُمكن الوقاية منها ومنع حصولها باتباع إرشادات السلامة البسيطة والسهلة التطبيق. وأظهر التقرير الأميركي الأخير لمعدلات الوفيات بسبب قيادة الدرجات النارية ارتفاعًا بنسبة 10 في المائة في تلك الوفيات خلال العام الماضي، ذلك أنه في عام 2015 تجاوز عدد الوفيات بين قائدي وراكبي الدرجات النارية سقف 5 آلاف حالة وفاة، وفق تقرير رابطة سلامة الطرقات السريعة Highway Safety Association.
وعلق ريتشارد ريتنغ، المشارك في إعداد التقرير من رابطة سلامة الطرق السريعة، بالقول: «هذه النتائج الواقعية توفر تذكيرًا صارخًا كيف أن الدراجات النارية عُرضة لإصابات حوادث قاتلة مهددة للحياة». وأضاف: «خطورة إصابات حوادث ووفيات الدراجات النارية ترتفع بعوامل مرافقة مثل تناول الكحول وتعاطي المخدرات والزيادة في السرعة عن الحدود المسموحة، وعدم تطبيق قوانين ارتداء خوذة الرأس، وعدد الدراجات المُسجلة التي تسير على ممرات لشوارع». واستطرد: «والجهود يجب أن تُركّز في تقليل هذه التراجيديا من إزهاق الأرواح».
وكان التقرير قد ذكر أن 5 آلاف وعشر حالات وفاة حصلت بين ركاب الدراجات النارية في عام 2015، أي بزيادة 450 حالة وفاة عن أرقام وفيات عام 2014. وهي السنة الثالثة الأعلى في عدد وفيات الدراجات النارية التي يتم تسجيلها عبر التاريخ في الولايات المتحدة، التي أولها كان عام 2008 بما يفوق 5 آلاف حالة وفاة في السنة وفق ما ذكره التقرير. وأضاف التقرير أن ارتفاع الوفيات طال 31 ولاية.
ووفق ما أشارت إليه الرابطة، فإن «القانون العام للخوذة» Universal Helmet Laws لا يُعتمد بشكل إلزامي إلا في 32 ولاية من الولايات الأميركية، وفي 18 ولاية يُطلب ذلك من راكبي الدراجة النارية، وثلاث ولايات ليس فيها قانون ملزم أو يطلب ذلك. وكانت دراسة إدارة سلامة الطرق السريعة في عام 2014 قد لاحظت في نتائجها أن معدلات ارتداء الخوذة في الولايات التي تُلزم بها لا يتجاوز 89 في المائة، مقارنة بمعدل التزام 48 في المائة في الولايات الأخرى، وهو ما عبّر عنه جوناثان أدكن، المدير التنفيذي للرابطة بقوله، إن الإحصائيات القومية تشير إلى أن الاحتمالات مرتفعة للإصابات والوفاة في حوادث الدراجات النارية مقارنة بسائقي السيارات وراكبيها.
ووفق نتائج كثير من الدراسات في السلامة، يُمكن تقليل احتمالات الوفاة لدى راكبي الدراجات النارية بارتداء الخوذة وفق المواصفات التي وضعتها إدارة النقل في الولايات المتحدة، وبارتداء ملابس ذات ألوان فاتحة، وبالتزام حدود السرعة، وعدم قيادة الدراجة النارية أو ركوبها حال تناول المسكرات.
و«القانون العام للخوذة» يُقصد به أن ارتداء الخوذة الواقية للرأس إلزامي لسائق الدراجة، وإلزامي أيضًا لمنْ يركبها معه إذا ما كانوا يقودونها في الطرق العامة. وإلزامية ارتدائها ترفع من معدلات ارتدائها من قبل راكبي الدراجات النارية. وبالمقابل هناك «القانون الجزئي للخوذة» Partial helmet laws الذي يتم تطبيقه في ظروف معينة، مثل أن يكون عمر راكب الدراجة أقل من 18 عاما، أو أن خبرة قائد الدراجة أقل من عام في قيادتها أو منْ لا تأمين صحي لديهم وغيرها، إضافة إلى عدم إلزام الراكب دون قائد الدراجة بارتدائها.
والواقع أن الأوساط الطبية وعبر كثير من الدراسات الطبية تُحاول استكشاف أفضل وسائل الوقاية، لمنع حصول الإصابات خلال حوادث السير، كما تُحاول أن تضع أفضل الحلول العلاجية لمعالجة حالات الإصابات في الحوادث. وتظل الدراجات النارية واقعيًا الأعلى في نسبة عدد الوفيات مقارنة بنسبة الوفيات الناجمة عن حوادث الإصابات في السيارات وغيرها من وسائل النقل.
وتذكر المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض واتقائها CDC، أن وفيات حوادث الدراجات النارية ارتفعت بنسبة 55 في المائة منذ عام 2000، وأن السلامة عند استخدام الدراجات النارية أصبحت قضية صحة عامة، وأن التكلفة ليست فقط في عدد الوفيات، بل التكلفة الإجمالية هي ضمن التكلفة العامة لحوادث الدراجات النارية التي تتجاوز اليوم في الولايات المتحدة مقدار 1.2 مليار دولار سنويًا. وتضيف أن الوفيات الناجمة عن حوادث الدراجات النارية وإصابات الدماغ ستظل مرتفعة ما لم يتم اتباع وسيلة فاعلة في الوقاية عبر ارتداء خوذة الرأس التي هي في الواقع الوسيلة الوقائية الوحيدة الأكثر أمانًا والثابتة الجدوى. وأضافت أن الوفيات لا تطال صغار السن فقط، بل ذكرت أن في عام 2010 كان أكثر من نصف الوفيات بسبب الدراجات النارية بين منْ هم فوق سن أربعين سنة، وهم الذين كانوا في الماضي يُشكلون فقط 25 في المائة من وفيات الدراجات النارية عام 1995.
وأضافت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض واتقائها حقائق بسيطة أخرى، منها أن الولايات المتحدة وفرت ثلاثة مليارات عام 2010، بسبب ارتداء خوذة الرأس من قبل قائدي الدراجة النارية، وأن ارتداءها يُقلل احتمالات الوفاة بنسبة 37 في المائة، ويُقلل احتمالات إصابات الرأس بنسبة 69 في المائة.