بول كروغمان
اقتصادي اميركي
TT

تذبذب النفط

عندما أخذت أسعار النفط تتهاوى، اعتقد كثيرون أن التأثيرات الاقتصادية لذلك سوف تكون إيجابية. بيد أن البعض منا تشكك في ذلك، لكن لم يكن الشك كبيرًا، فلو ألقينا نظرة أوسع على التأثيرات العالمية، فسوف نكتشف أن التراجع خلف نتائج سلبية من دون شك. لماذا؟
حسنًا، دعونا نفكر في السبب الذي جعلنا نعتقد أن التراجع في أسعار النفط كان واسع النطاق. جزء من الإجابة هو أن التراجع قلل من معدلات التضخم، مما أعطى البنوك المركزية حرية تخفيف السياسات المالية، وإن كان هذا الموضوع ليس وثيق الصلة بما نقول، حيث نرى معدلات التضخم دون المستوى المستهدف في كل مكان تقريبًا.
بيد أن ما هو أبعد من ذلك أن المشهد المعتاد هو أن أسعار النفط المتدهورة تسببت في إعادة توزيع الدخل بعيدًا عن الوكلاء ذوي ميول الإنفاق المنخفضة، وقريبًا من الوكلاء ذوي ميول الإنفاق العالية. دول الشرق الأوسط ومليارديرات تكساس كانوا يجلسون على تلال من المال.. وعليه، كان من غير المرجح أن يواجهوا قيود السيولة المالية، وكان بمقدورهم بالفعل التعامل بسلاسة مع تقلبات الدخل. وفي غضون ذلك، سوف تنتشر فوائد انخفاض أسعار النفط على نطاق واسع، بما في ذلك لدى المستهلكين الذين يعتمدون على رواتبهم بصفة أساسية وهم من سيجنون الثمار.
ومن ضمن الأسباب التي لم تجعل هذا المنطق يعمل مثلما كان يعمل في السابق، هو أن ازدياد عمليات التصديع المائي، يعني أنه بات الآن هناك كثير من الإنفاق على الاستثمارات النفطية المرتبطة إلى حد كبير بأسعار البترول، وهو إنفاق استثماري سريع التأثير لن يدوم طويلاً.
لكن أعتقد أن هناك شيئًا آخر يحدث، وهو أن هناك حالة من عدم الثبات في تأثير تذبذب أسعار النفط.. فتراجع السعر بنسبة 10 إلى 20 في المائة قد يسير بشكل طبيعي في ظل القوانين التقليدية، لكن تراجعًا بنسبة 70 في المائة لا بد من أن تكون له تأثيرات كبيرة على المنتجين، حيث يصبحون مقيدين بالسيولة أكثر من المستهلكين. فقد أُجبرت بعض الدول على اتباع سياسات تقشفية، مما جعل كثيرًا من شركات التصديع المائي المدينة تواجه أزمات في ميزانياتها.
بتعبير مختلف، قد ينتشر التراجع المحدود في أسعار النفط من خلال القنوات المعتادة، لكن التراجع الكبير بالتأكيد يتسبب في حشد المنتجين، وهو ما يشبه عملية الجر في الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل استمرار العالم داخل، أو بالقرب من فخ السيولة.
* خدمة «نيويورك تايمز»