عبد العزيز الغيامة
صحافي سعودي منذ 1998 وحاصل على وسام الإعلام الرياضي العربي من الاتحاد العربي للصحافة الرياضية عام 2022 ورئيس لقسم الرياضة في صحيفة «الشرق الأوسط»
TT

رينارد… وصنّاع المشكلات!

استمع إلى المقالة

في الوقت الذي كان يتعين على الإعلام التركيز على قراءة مجموعات كأس العالم 2026 التي سُحبت يوم الجمعة في واشنطن، ومناقشة كيف للمنتخب السعودي أن يجتاز هذا الدور لمرحلة أعلى من الأدوار الإقصائية، كان الإعلام السعودي والعربي عبر برامجه الرياضية ليلة السبت، يغوص في «دائرة صغيرة جداً وضيقة الأفق» فحواها: لماذا يترك الفرنسي هيرفي رينارد المدير الفني للأخضر، إدارة المنتخب في مباراة جزر القُمر التي تقام ضمن منافسات كأس العرب في قطر؟

صحيح أن مدربي تونس والأردن وقطر لم يسافروا للمشاركة في حفل القرعة، لكن ذلك لا يعني أن قرارهم بالبقاء كان صحيحاً في ظل أن نحو 99.9 في المائة من مدربي منتخبات العالم المتأهلة يوجدون هناك لأهمية الحدث وقيمته.

كثير من الوقت والجهد والتفكير أضاعه بعض النقاد والمحللين في: لماذا رحل رينارد وترك المهمة لمساعده الفني فرنسوا رودريغيز الذي قاد الأخضر لفوز كبير على جزر القُمر في الوقت الذي كان هيرفي يوجد في حفل القرعة؟!

أكبر مشكلة تواجه بعض الإعلام الرياضي هو عشقه لاختلاق المشكلات على حساب المنطق والعقل وبُعد النظر، إذ كيف لي أن أقارن حدثاً كبيراً ومهماً مثل قرعة المونديال التي تقام كل أربعة أعوام بمباراة ودية قيمتها 10 نقاط في تصنيف «فيفا» الدولي، مع كل التقدير لكأس العرب؟

المتحدث الرسمي في «فيفا» في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، نهار الجمعة، قال إن حضور المدربين «قيمة كبيرة»؛ لما توفره هذه اللقاءات من فرص لتبادل الآراء، وتلقي تحديثات تقنية أساسية، ومناقشة الجوانب المتعلقة بالتحضير لكأس العالم 2026.

كما أكد المتحدث أن «فيفا» يتفهم خصوصية جدول كأس العرب، إلا أن أهمية القرعة وورش العمل الخاصة بالمدربين هي ركائز أساسية في مسار الإعداد للمونديال وتجعل حضور المدربين «موصى به وبشدة، ومشجَّعاً عليه بشكل كبير».

الحقيقة أستغرِب من الاستماتة في تكبير حجم كأس العرب والمبالغة في قيمتها في ظل أن نصف منتخبات العرب تشارك بفرق من الصف الثاني، في تأكيدٍ صريح أنها بطولة ودية ويجب أن يتم التعامل معها وفقاً لهذا الأساس.

صحيح أننا نستمتع بأجوائها ومستويات بعض مبارياتها، وسعداء بالحضور الجماهيري الكبير الذي يملأ المدرجات، ونحب حضورها، لكنَّ هذا كله لا يعني أن منتخب السعودية في «مفترق طرق»، وأن نضغط عليه تحت شعار «نكون أو لا نكون»، لأن البطولة في النهاية ليست كأس العالم ولا تصفياتها.

وجود رينارد في قرعة كأس العالم 2026، إلى جانب 99.9 في المائة من مدربي منتخبات العالم المشاركة، كان طبيعياً جداً، وقراراً حكيماً وعاقلاً وعميقاً منه ومن «فيفا» الذي أصر على وجوده، وغير ذلك كان نقاشاً فيه مضيعة للوقت والجهد والتفكير والغرق في «السطحية المعتادة» من بعض الإعلام.



المزيد من مقالات الرأي