أثار أحد الصحافيين الجدل خلال بطولة كأس العرب المقامة حالياً في قطر، حين وجه سؤالاً طويلاً إلى مدرب المنتخب السعودي وحارس مرمى الفريق، يتضمن رأيه الشخصي عن عدم تطور الفريق الأخضر في السنوات الأخيرة رغم الدعم الحكومي السخي، واستشهد الصحافي بالتعثر في بطولة كأس الخليج لإثبات فشل المدرب الفرنسي ولاعبيه.
ومع أن سؤال الصحافي أصاب حارس المرمى نواف العقيدي بالدوار، فإن الأخير استطاع ترتيب أفكاره ليردَّ بأن التأهل إلى كأس العالم يبرهن على تطور المنتخب السعودي، وأن كأس الخليج لا يمكن أن تمنح بطلها شرف المشاركة في المونديال. ويبدو أن العقيدي أراد التذكير على قدرة منتخب بلاده على المشاركة في المناسبة العالمية للمرة السابعة، في إنجاز لم تحققه أو تقترب منه المنتخبات الحاصلة على اللقب الخليجي، علماً بأن منتخب الكويت صاحب الرقم القياسي بعشرة ألقاب، سجَّل ظهوراً واحداً في كأس العالم، والحال نفسها تنطبق على العراق والإمارات، فيما فشلت البحرين ومثلها عمان في بلوغ المونديال رغم حصولهما على بطولة الخليج.
وغالباً كان صاحب السؤال «المثير للجدل» يهدف إلى التقليل من أهمية المشروع الرياضي السعودي بالإساءة إليه على طريقة فيلم «حياة الماعز» وقصته العبثية، وعموماً يحدث هذا أحياناً حتى في البطولات الأوروبية والعالمية في أثناء المؤتمرات الصحافية، للنَّيل من مدرب أو لاعب أو اتحاد محلي، ومع أن مَن يسأل بهذه الطريقة يعرف الإجابة، إلا أن الهدف يبقى استفزاز الطرف المقابل بتمرير معلومات مغلوطة للبحث عن ردة فعل متشنجة أو تصريحات يمكن توظيفها في إساءة جديدة.
وبالعودة إلى المشروع الرياضي السعودي، يغيب عن البعض مفهوم هذا المسمى وأهدافه التي توازي بنظر الصحافيين البسطاء نتائج المنتخبات الوطنية أو الأندية، إذ إن خسارة المنتخب أو بطل الدوري تعني بالضرورة فشل المشروع، حسب فهمهم، واللافت أن أدواتهم المستخدمة في التحليل والاستنباط ستقودهم أيضاً إلى نتيجة مشابهة تعني فشل صناعة كرة القدم في اليابان، الغائبة عن البطولات الآسيوية منذ 2011، وإيطاليا المهددة بالغياب عن كأس العالم للمرة الثالثة على التوالي، وإنجلترا التي لم تحقق منذ 1966 أي لقب قارِّي أو عالمي!
لم يكن تحقيق كأس الخليج يوماً أحد أهداف المشروع السعودي القائم على نظرة اقتصادية غايتها تحويل القطاع الرياضي إلى سوق بمليارات الدولارات، لتصبح مستقبلاً ضمن روافد الاقتصاد الوطني وصولاً إلى صناعة بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة، وأندية غنية تستطيع جلب أهم النجوم، فضلاً عن إضافة مزيد من الوظائف إلى سوق العمل، وإتاحة الفرصة أمام آلاف الشبان للتدريب واكتساب الخبرة في المجالات الرياضية والإدارية والاقتصادية.
