مع ضغوط الحياة اليومية والعمل المتواصل، قد يبدو إدخال الرياضة إلى جدولك وكأنك تحاول اقتطاع وقت من المستحيل. لكن الحقيقة أن بناء عادة رياضية لا يتطلب إرهاقاً ولا ساعات في الصالات الرياضية، بل يحتاج إلى القليل من التخطيط والكثير من الواقعية.
ويؤكد علماء الصحة والمدربون الرياضيون أن التمارين اليومية، حتى لو كانت بسيطة، يمكن أن تغير صحتك الجسدية والنفسية على المدى الطويل.
ما هي أهم النصائح لجعل الرياضة عادة يومية؟
في هذا التقرير، نستعرض 4 نصائح عملية مستندة إلى دراسات وأبحاث، تساعدك على دمج الحركة في يومك، من دون أن تشعر أنها عبء، لتصبح عادة تحبها وتداوم عليها.
1. كن واقعياً واختر وقتاً مناسباً للحركة
أول خطوة نحو تحويل الرياضة إلى عادة هي تجنّب الأهداف غير الواقعية. فإذا وضعت هدفاً بإجراء تمارين مكثّفة لمدة ساعة يومياً بدءاً من اليوم الأول، فربما تجد نفسك منهكاً أو تُقدم على الاستسلام بسرعة.
بدلاً من ذلك، اختر 10–15 دقيقة من الحركة اليومية، مثل المشي السريع، تمارين الإطالة أو بعض الحركات البسيطة، في توقيت مناسب لجدولك (صباحاً قبل العمل، أو مساءً بعده).
ووجدت دراسات أن الأشخاص الذين بدأوا النشاط البدني حتى في منتصف حياتهم، واستمَرّوا، كانوا أقل عُرضة للوفاة المبكرة أو الأمراض المزمنة مقارنة بمن لم يمارسوا أبداً.
لذلك، اختر وقتاً ينسجم مع نمط حياتك، وثبّته كموعد غير قابل للتفاوض، مثلاً: في 7 صباحاً سأمشي 15 دقيقة.
هذا التوقيت الثابت يساعد المخّ على بناء رابط بين التمرين والروتين اليومي.
2. ضع خطة أو استخدم مؤقتاً للتذكير
اجعل الرياضة مصنّفة ضمن مهامك اليومية مثل الرد على بريد إلكتروني أو موعد لعقد اجتماع. استخدام تطبيق التذكير على الهاتف، أو وضع ملاحظة مرئية في مكان واضح، يُعدّ وسيلة فعّالة.
وأوضحت أبحاث في مرضى تأهيل القلب أن استخدام إشارات (cues) وتجديد الروتين بانتظام، أي جعل التمرين في نفس الوقت والمكان تقريباً، ساعد على زيادة مدة ونسبة الالتزام بالنشاط البدني.
على سبيل المثال، يمكنك ضبط تذكير يومياً الساعة 6 مساءً: «حان وقت الحركة - 15 دقيقة». ومع مداومة هذا التذكير، يتحوّل الأمر تدريجياً إلى جزء من روتينك.

3. راقب تقدمك من دون السعي للكمال
من المهم أن ترصد نشاطك أسبوعاً بعد أسبوع، ولكن من دون أن تجعل الكمالية عقبة. التزامك ليس بأن تكون «مثالياً» كل يوم، بل بأن تستمر قدر الإمكان.
وتُشير الأبحاث إلى أن الحفاظ على عادة الرياضة لأسابيع متتالية يرتبط بانخفاض ملحوظ في أعراض الاكتئاب والقلق لدى طلاب الجامعات.
كما أن التحرك بانتظام، حتى لفترة قصيرة، قد يقلل من خطر أمراض القلب والسكري.
عندما لا تستطيع التمرّن كاملاً، فلتقم على الأقل بحركة بسيطة مثل المشي أثناء المكالمات الهاتفية، أو استخدام السلالم بدلاً من المصعد، أو الركض الخفيف داخل المنزل.
المهم أن يكون هناك استمرار وحركة. ثم سجل يومياً ما فعلته، على سبيل المثال: «اليوم: 15 دقيقة مشي».
بهذه الطريقة، تكتسب إحساس التقدم، ويعلّمك جسدك أن هذا «ما أفعله».

4. استعِن بشخص مقرب لتحفيزك على الالتزام
الدعم الخارجي والمساءلة يُعدّان مفتاحين لبقاء العادة. قل لصديق أو زميل أو قريب أنك ستتمرّن كل يوم لمدة محددة، واطلب أن يتابعك أو يشاركك التمرين. المشاركة مع آخرين تجعل الأمر أكثر متعة وتقلّل احتمال التهاون.
وتؤكد الدراسات الاجتماعية حول العادات الرياضية أن وجود «شريك حركة» أو «زميل تمرين» يعزّز التزام الأفراد على المدى الطويل.
كما أن الحديث عن أهدافك وعدم إبقائها في طي الكتمان يعزّزان الشعور بالمسؤولية أمام الذات والآخرين.
لماذا تستحق ممارسة الرياضة هذه الجهود؟
بحسب «مايو كلينك»، الرياضة بشكل منتظم تساعد في خسارة الوزن أو المحافظة عليه، وتقلّل من خطر الإصابة بضغط الدم وأمراض القلب وداء السكري.
كما أن للرياضة تأثيراً كبيراً على المزاج والصحة النفسية؛ إذ تساعد على تحرير هرمونات السعادة، وتقليل القلق والاكتئاب، وفق «ماديمال نيوز توداي».
وأشارت «National Institutes of Health (NIH)» إلى أن الرياضة تحافظ على وظائف الدماغ وتبطئ من التدهور المعرفي مع التقدم في السن.
ولا تزال لديك فرصة للبَدء حتى لو كنت غير نشِط لسنوات، فجسدك يستجيب حتى لو بدأت في منتصف العمر.
