لسكان المدن... عادة يومية كفيلة بتعزيز الصحة النفسية

التشمس يساعد الجسم على إنتاج فيتامين «د» الأساسي لعظام قوية وجهاز مناعة صحي وصحة نفسية إيجابية (رويترز)
التشمس يساعد الجسم على إنتاج فيتامين «د» الأساسي لعظام قوية وجهاز مناعة صحي وصحة نفسية إيجابية (رويترز)
TT

لسكان المدن... عادة يومية كفيلة بتعزيز الصحة النفسية

التشمس يساعد الجسم على إنتاج فيتامين «د» الأساسي لعظام قوية وجهاز مناعة صحي وصحة نفسية إيجابية (رويترز)
التشمس يساعد الجسم على إنتاج فيتامين «د» الأساسي لعظام قوية وجهاز مناعة صحي وصحة نفسية إيجابية (رويترز)

لطالما ثبت أن قضاء وقت في الهواء الطلق يُعزز الصحة البدنية والعقلية من خلال ممارسة الرياضة، وتعزيز التفاعل الاجتماعي، وتقليل التوتر والقلق، وتحسين المزاج، وتحسين التركيز، وحتى تحسين النوم.

ويساعد التعرض لضوء النهار -وخاصةً في الصباح- على مزامنة ساعاتنا البيولوجية، مما يُسهّل علينا النوم ليلاً، والاستيقاظ صباحاً.

كما يُساعد التشمس الجسم على إنتاج فيتامين «د»، وهو عنصر غذائي أساسي لعظام قوية، وجهاز مناعة صحي، وصحة نفسية إيجابية.

وأفاد بحث جديد من جامعة ستانفورد وجامعة لايدن في هولندا، نقلته صحيفة «نيويورك تايمز»، بأن سكان المدن يمكنهم الاستفادة من قضاء 15 دقيقة فقط في الطبيعة.

وقالت آن غيري، كبيرة مؤلفي الدراسة: «لقد وثّقت دراسات سابقة روابط قوية بين التواصل مع الطبيعة والصحة النفسية».

وأضافت: «لكن في معظم الدراسات إما أنه لا يمكن استنتاج علاقة سببية، أو يصعب تعميمها، أو أنها غير مصممة للتمييز بين آثار أنواع مختلفة من الطبيعة، بينما يساعد هذا التحليل على سد هذه الفجوة».

وقام فريق غيري بتحليل بيانات من 78 دراسة ميدانية شملت ما يقرب من 5900 مشارك.

وخلصوا إلى أن جميع أنواع الطبيعة الحضرية ترفع المعنويات، وكانت الغابات الحضرية مفيدة بشكل خاص في تخفيف الاكتئاب والقلق.

وقالت غيري لصحيفة «نيويورك بوست»: «يشير تحليلنا إلى أن الغابات والحدائق الحضرية لها تأثير أكبر على الصحة العقلية (أي تقليل الجوانب السلبية، وتعزيز الجوانب الإيجابية) من أشجار الشوارع، أو المناطق العشبية».

وأضافت: «هذا لا يعني أن أشجار الشوارع ليس لها تأثير. في الواقع، يُظهر تحليلنا أن لأشجار الشوارع تأثيراً كبيراً على جميع جوانب الصحة العقلية المقاسة».

ويشير بحث جامعة ستانفورد إلى أن مجرد المكوث في الهواء الطلق كافٍ لتنشيط الجسم من دون الحاجة إلى معدات رياضية. فمجرد الاسترخاء في المساحات الخضراء يُعزز الطاقة واليقظة.

وقال روي ريمي، الباحث في جامعة لايدن: «تُظهر نتائجنا أنه حتى الاتصال القصير (أقل من 15 دقيقة) بالطبيعة يُمكن أن يُوفر فوائد نفسية كبيرة».

وأضاف: «الأكثر من ذلك، أن التعرض للطبيعة لفترة أطول (أكثر من 45 دقيقة) يرتبط بانخفاض أكبر في التوتر، وزيادة في الحيوية».

ويبدو أن الشباب هم من يجنون أكبر الفوائد، حيث أشار مؤلفو الدراسة إلى أن العديد من حالات الصحة النفسية تتطور قبل سن 25.

ونُشرت النتائج يوم الأربعاء في مجلة «نيتشر»، وأكد الباحثون على عدم الحاجة إلى حدائق كبيرة لتحقيق ذلك.

وشجعوا مخططي المدن وصانعي السياسات على دراسة إضافة حدائق صغيرة، وزيادة أشجار الشوارع والمساحات الخضراء، والأماكن الطبيعية، وجلسات التأمل المصحوبة بمرشدين.

كذلك، قالت ينغجي لي، الباحثة الرئيسة في الدراسة وباحثة ما بعد الدكتوراه في ناتكاب: «حتى اللحظات الصغيرة مع الطبيعة يمكن أن تُحدث فرقاً».

وأضافت: «لقد ساعدني هذا العمل على إدراك أن الطبيعة الحضرية ليست مفيدة للمدن فحسب، بل مفيدة لنا أيضاً».


مقالات ذات صلة

علاج جيني جديد يخفض الكوليسترول «الضار» والدهون الثلاثية للنصف

صحتك طبيب يستخدم جهازاً لقياس مستوى الكوليسترول في تكساس (رويترز)

علاج جيني جديد يخفض الكوليسترول «الضار» والدهون الثلاثية للنصف

أظهر حقن لمرة واحدة بعلاج جيني تجريبي من شركة (كريسبر ثيرابيوتيكس) أنه آمن، وخفض مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية الضارة بمقدار النصف

«الشرق الأوسط» (شيكاغو)
صحتك تناول الكركم مع العسل قد يزيد من مضادات الأكسدة في الجسم (رويترز)

فوائد صحية لمزيج الكركم والعسل... وهل يساعد في إنقاص الوزن؟

دائماً ما يُشاد بالكركم كغذاء «خارق» مضاد للالتهابات. وقد يزيد تناول الكركم مع العسل من مضادات الأكسدة في الجسم، ويُقلل الالتهاب، بل ويساعدك على إنقاص الوزن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ مرضى يعانون من حمى الضنك يتلقون العلاج في المستشفى المدني بكراتشي في باكستان (إ.ب.أ)

أميركا ستطالب الدول بمشاركة البيانات حول «مسببات الأمراض ذات الإمكانات الوبائية»

كشفت وثائق حكومية أن واشنطن تُطالب الدولَ بالموافقة على تسليم معلومات عن الجراثيم التي قد تُسبب تفشي أمراض واسعة النطاق، مقابل استئناف المساعدات الصحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك قلة النوم أو كثرته تزيدان من خطر الإصابة بنوبة قلبية حتى لو كنت تتمتع بصحة جيدة (رويترز)

الحصول على كثير أو قليل من النوم قد يضر بقلبك... فما الحل؟

لطالما روَّج خبراء الصحة لفوائد النوم الهانئ ليلاً، حيث يؤكدون أن الحصول على نحو 8 ساعات من النوم يجعلك تلاحظ تحسّناً في التركيز والإنتاجية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الصراصير لا تعض البشر عادةً حيث انها لا تتغذى على دم الإنسان (رويترز)

لماذا تُشكل الصراصير خطراً على صحتك؟

من المعروف أن الصراصير آفات شائعة في المنازل والمدارس وأماكن العمل، وتنشر أمراضاً، مثل السالمونيلا التي قد تسبّب التسمم الغذائي...

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«جلباب المتحف الكبير» يفجر سجالاً بشأن الزي الشعبي المصري

المصريون من فئات مختلفة زاروا المتحف الكبير وعبروا عن فخرهم به (إ.ب.أ)
المصريون من فئات مختلفة زاروا المتحف الكبير وعبروا عن فخرهم به (إ.ب.أ)
TT

«جلباب المتحف الكبير» يفجر سجالاً بشأن الزي الشعبي المصري

المصريون من فئات مختلفة زاروا المتحف الكبير وعبروا عن فخرهم به (إ.ب.أ)
المصريون من فئات مختلفة زاروا المتحف الكبير وعبروا عن فخرهم به (إ.ب.أ)

تفجّر سجال حول «الزي الشعبي المصري» المتمثل في «الجلباب البلدي»، عقب تعليق من الإعلامية سمر فرج فودة (ابنة الكاتب الراحل فرج فودة) على صورة انتشرت بوسائل «السوشيال ميديا» خلال الأيام الماضية، لرجل وزوجته في زيارة للمتحف المصري الكبير وهما يرتديان الزي الشعبي الشهير في مصر.

وتصدر اسم سمر فودة «الترند» على «غوغل» و«إكس» في مصر، السبت، عقب تدوينة كتبتها معلقة على الصورة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر فيها زوجان بالجلباب البلدي البسيط يمسكان يد بعضهما، ويسيران في مدخل المتحف المصري، ويتأمل الزوج الآثار والمبنى المحيط بنظرة إعجاب وفخر، وهي الصورة التي حظيت بانتشار واسع واحتفاء من مستخدمي وسائل التواصل عدوها تعبر عن «الأزياء المصرية الأصيلة».

وكتبت سمر مؤكدة أن هذا الزي لا يمثل مصر، وأن مصر معروفة باعتدادها بالأزياء الأنيقة على أحدث الصيحات، وتمثلها أزياء السيدات في الأربعينات والخمسينات التي كانت تنافس أزياء الباريسيات والإنجليزيات في ذلك الوقت. منتقدة الملابس التي تعطي انطباعاً دينياً للسيدة الموجودة في الصورة.

لتعود بعد ساعات وتعتذر عن التعليق مدونة: «أعتذر عن أي شيء قد مس قلوب المصريين بالسلب، أعتذر للزوجين، فهما بالتأكيد فخر لنا جميعاً»، وأكدت أنها حذفت المنشور لأن المتابعين لم يفهموا وجهة نظرها، مؤكدة أن أهلها من الفلاحين، وأنها لم تتطرق لـ«الجلابية الفلاحي» للرجال.

وتوالت التعليقات على منشور سمر فودة، بل وظهر ما يمكن اعتباره «ترند» يدعو الجميع لارتداء الجلباب الصعيدي والفلاحي كدليل على الأصالة والزي الشعبي للمصريين، وتفاعلت سمر فودة نفسها مع هذا «الترند»، ونشرت تعليقاً على صفحتها بـ«فيسبوك» على سبيل المزاح والفخر لشخص كتب: «وسيشهد التاريخ أن سمر فودة لبّست مصر كلها جلاليب في 6 ساعات».

المتحف المصري شهد حضوراً متنوعاً منذ افتتاحه (إ.ب.أ)

وتوالت التعليقات التي استنكرت ما اعتبروه تهكماً من سمر فودة على الجلباب، وتعرضت لانتقادات حادة، في حين أوضحت هي في اعتذارها أنها تعتز بالجلباب البلدي ولم تقصد التطرق إليه، وإنما كانت تنتقد أزياء لها دلالات دينية، تراها دخيلة على المجتمع المصري.

وعدت المتخصصة في التراث الشعبي، الدكتورة فاتن صلاح سليمان: «الجلباب البلدي المصري مميز منذ المصريين القدماء»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الصورة التي انتشرت والتعليق عليها بأنها لا تمثل المصريين أخذا منحى غريباً، وهناك أمثلة كثيرة تؤكد ارتباط هذا الزي بالمصريين منذ القدم، فهو قريب جداً من أزياء الكهنة المصريين المعروضة في بعض متاحف العالم»، وأكدت فاتن أن «الجلباب المصري لا مثيل له في العالم، ويختلف عن الجلباب السوداني أو العربي أو المغربي، وهذا الزي انتشر في الفترة القبطية، وكان يصنع من القماش القباطي المصري، وهو خليط من القطن والكتان، وله شكل مميز للغاية».

وقالت إن «هذا الزي يمثل الهوية المصرية ومشرّف لأي شخص يرتديه، ويعبر عن الأصالة والثقافة المصرية الخالصة، والمفروض أن نعتز بهؤلاء الناس لأنهم يعبرون عن جزء مهم من موروثنا الثقافي الشعبي المصري».

ووصفت الدكتورة نهلة إمام، مستشارة وزير الثقافة المصري لشؤون التراث غير المادي، التعليق الذي نشرته سمر فودة، بشأن عدم تمثيل هذا الزي لهوية المصريين، بأنه «مؤلم بالنسبة لها»، وقالت في تصريحات متلفزة إن «الجلابية هي زي الفلاح المصري التقليدي، وتُعد جزءاً من هوية الشعب المصري وتاريخه، وعلينا أن نقدر هذا التراث ونفخر به».

وأشار الباحث في التراث الشعبي بأكاديمية الفنون المصرية، الدكتور عبد الكريم الحجراوي، إلى أن «الحديث عن الجلباب بأنه لا يعبر عن المصريين ولا يعبر عن وضعهم الحضاري، ويجب عدم الالتفات إليه لأنه يحمل قصوراً في الفكر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لا يصح بشكل من الأشكال أن نهين رمزاً يمثل الغالبية من سكان مصر، وأن نعتبر زياً لا يعبر عنا ولا يناسب المصريين حضارياً»، وأوضح أن «هذا الكلام حظي بتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأنه يمس كل المصريين تقريباً، ففي كل منطقة بمصر هناك نمط معين من الجلباب، ومن ثم يجب الاعتداد به واحترامه كزي شعبي ممتد منذ سنوات طويلة، ويجب عدم التعرض له بالإهانة أو التقليل من شأنه».

وقال الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، مؤسسة حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إن «معظم شعوب العالم لها زي قومي مميز تفتخر به وترتديه على المستويين: القومي والشعبي، ويعد جزءاً لا يتجزأ من هويتها»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد زي له احترامه مرتبط بثقافة مناطق معينة وهوية مصر بشكل عام، مثل الجلباب والعمامة في الصعيد، والجلباب والطاقية بوجه بحري»، لافتاً إلى التنوع الثقافي في مصر والذي يعكسه الزي والفنون المرتبطة، مطالباً بـ«السعي لتسجيل هذه المفردات تراثاً عالمياً ثقافياً ضمن التراث اللامادي بـ(اليونيسكو)».


«النقد السينمائي الدولي» يناقش صناعة الأفلام في المهجر

جانب من مؤتمر النقد السينمائي بالرياض (الشرق الأوسط)
جانب من مؤتمر النقد السينمائي بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

«النقد السينمائي الدولي» يناقش صناعة الأفلام في المهجر

جانب من مؤتمر النقد السينمائي بالرياض (الشرق الأوسط)
جانب من مؤتمر النقد السينمائي بالرياض (الشرق الأوسط)

خلصت النقاشات التي جرت ضمن فعاليات النسخة الثالثة من «مؤتمر النقد السينمائي الدولي» في الرياض حول «السينما خارج الحدود» إلى تأكيد أن السينما العربية خارج الحدود أصبحت مساحة للتعبير المتعدد، تجمع بين الذاكرة الأصلية والتجربة الجديدة، وتؤكد أن المخرج، أينما كان، يظل ابن بيئته الأولى، يحملها في رؤيته ولغته وأفكاره، حتى وهو يصنع أفلامه في المنفى.

الجلسة التي أدارها الناقد حسين الضو، وشارك فيها المخرج العراقي محمد الدراجي، ومؤسس مهرجان «مالمو» للسينما العربية، محمد قبلاوي، والمخرجة التونسية لمياء قيقة، تضمنت أحاديث موسعة حول علاقة السينما بالهوية، وتأثير الاغتراب واللغة والثقافة على التجارب الإبداعية للمخرجين العرب الذين يعملون خارج أوطانهم.

واستهل حسين الضو الجلسة بالإشارة إلى سعي المخرج إلى «استكشاف التحولات التي تصيبه عندما ينتج فيلمه خارج وطنه، وكيف تنعكس تلك التجربة على اللغة البصرية والموضوعات المطروحة في أفلامه»، موضحاً أن «الهجرة والانفتاح الثقافي أفرزا ما يمكن تسميته السينما الهجينة التي تحمل سمات متعددة وتتحرك بين أكثر من هوية».

وقالت المخرجة التونسية لمياء قيقة إن العلاقة بين السينما والنقد تُشبه «خطيْن متوازييْن يسيران في الاتجاه نفسه دون أن يلتقيا تماماً»، مؤكدة أن الحديث عن الإنتاج خارج الوطن يفتح أسئلة الهوية والانتماء، خصوصاً عندما يعيش المخرج في بيئة مغايرة ثقافياً.

مؤتمر النقد السينمائي ناقش صناعة الأفلام خارج الحدود (الشرق الأوسط)

وأضافت أن «كل مخرج يحمل لغته الأم وثقافته معه أينما ذهب»، وأن هناك اليوم موجة من السينما التي يمكن وصفها بـ«الهجينة»، تجمع بين الهوية الأصلية وتأثيرات المكان الجديد الذي يعيش فيه المبدع، موضحة أن «المخرجين والمخرجات التونسيين الذين يعيشون في الخارج يواصلون صناعة أفلامهم عن واقعهم الأصلي، رغم بعدهم الجغرافي».

وتطرقت لمياء قيقة إلى إشكالية التكرار في بعض التجارب العربية، قائلة: «لا يمكن إنكار أن هناك أفلاماً قُدمت بطريقة تستنسخ ما هو مطلوب جماهيرياً أو في المهرجانات، لكن في المقابل هناك درجة من الوعي لدى المخرجين الشباب الذين يحاولون مقاومة الصورة النمطية التي يفضّلها الغرب عن المجتمعات العربية». مؤكدة أن «تمكن المخرج من لغته السينمائية وجمالياته الخاصة هو ما يمنحه القدرة على التعبير بصدق، بعيداً عن محاولات الإرضاء أو التقليد».

من جانبه، قال المخرج محمد قبلاوي إن «المخرجين من أصول عربية في أوروبا ينتمون إلى أجيال مختلفة»، موضحاً أن «الجيل الأول حمل معه ذاكرة الوطن الأولى وتاريخه، في حين يتعامل الجيل الثاني مع الواقع من موقع المراقب»، مشيراً إلى أن الفارق بين «أن تُروى قصتك من الخارج أو أن ترويها بنفسك هو ما يُحدد عمق التجربة السينمائية».

وأضاف أن هناك اليوم ما بين 32 و35 مليون ناطق بالعربية في أوروبا، وأن هذا الوجود السكاني انعكس على حضور السينما العربية في المشهد الأوروبي، مشيراً إلى أن الهوية لم تعد ثابتة، بل أصبحت «تعددية»، وفق وصفه، مضيفاً: «فكل مخرج يرى طريقه الخاص في التعامل مع قضاياه، وأن المنظور الذي يقدمه المخرج المقيم في الغرب عن القضايا العربية يختلف بطبيعة الحال عن المخرج المقيم في وطنه».

أما المخرج محمد الدراجي فتحدث عن تجربته قائلاً إنه بصفته مخرجاً عراقياً عاش سنوات طويلة خارج بلاده، لكنه «ما زال يُفكر في العراق في كل فيلم يقدمه»، موضحاً أن «موضوعات أفلامه غالباً ما تبدأ من فكرة الحنين إلى الوطن، وأن مشاهد الافتتاح في معظم أعماله تتناول السفر، والمرأة، والطفل، والجندي» بوصفها رموزاً للبحث عن الذات والانتماء وجزءاً من تجربته الذاتية.

وأضاف الدراجي: «أحياناً أفكّر في تقديم فيلم بريطاني، لكنني أتراجع لأنني لست بريطانياً. أنا عراقي، وهذه هويتي التي لا تنفصل عن عملي»، مؤكداً أن المخرج عندما يكتب أو يخرج فيلمه «لا ينطلق من اتجاه محدد، بل من إحساسه الشخصي ورؤيته الخاصة»، وأنه يحاول أن يقدّم ما يؤمن به بعيداً عن التأثيرات الغربية أو ضغوط السوق.


«منتدى مصر للإعلام» يناقش تأثير التحولات الرقمية المتسارعة على المهنة

جلسة لمنتدى الإعلام تناقش التحديات التي تواجهه (الشرق الأوسط)
جلسة لمنتدى الإعلام تناقش التحديات التي تواجهه (الشرق الأوسط)
TT

«منتدى مصر للإعلام» يناقش تأثير التحولات الرقمية المتسارعة على المهنة

جلسة لمنتدى الإعلام تناقش التحديات التي تواجهه (الشرق الأوسط)
جلسة لمنتدى الإعلام تناقش التحديات التي تواجهه (الشرق الأوسط)

تحت شعار «2030: مَن سيستمر؟» انطلقت أعمال وجلسات النسخة الثالثة من منتدى مصر للإعلام 2025 بالعاصمة المصرية القاهرة، لبحث مستقبل المهنة في ظل التحولات الرقمية والتكنولوجية المتسارعة، بمشاركة أكثر من 2500 صحافي من مصر والمنطقة العربية ومختلف أنحاء العالم.

ووصفت نهى النحاس، رئيسة المنتدى، النسخة الثالثة من المنتدى بـ«الاستثنائية بكل المقاييس» لفتحها الباب أمام نقاشات معمقة حول تحديات مستقبل الإعلام، ومَن يمتلك القدرة على البقاء وسط التطور التكنولوجي المتسارع.

وأضافت خلال كلمتها بالجلسة الافتتاحية أن «جوهر التحدي اليوم يتمثل في تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والمهنية، مع الحفاظ على الاستقلالية والربحية في بيئة إعلامية تتغير بوتيرة غير مسبوقة».

ويشمل المنتدى «مجموعة من الجلسات التي تجمع بين التحليل والنقاش واستعراض الرؤى المتنوعة»، وفق نهى النحاس التي تؤكد أن «مستقبل الإعلام يُصنع على أيدي الإعلاميين القادرين على التكيّف وصناعة التغيير».

كما أعلنت عن تعاون جديد بين المنتدى ومنظمة الأمم المتحدة ممثلة في السيدة إيلينا بانوفا، المنسقة المقيمة في مصر.

فيما حذرت ميليسا فليمنِق، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لإدارة التواصل العالمي، من «تأثير المعلومات المضللة على السلام وحماية البيئة والثقة بالمؤسسات».

مشيرة في كلمتها بالجلسة الافتتاحية للمنتدى إلى أن «منصات التواصل الاجتماعي أصبحت مصدراً رئيسياً للأخبار، خصوصاً بين الشباب»، لكنها نبهت إلى أن «تلك المنصات غالباً لا تقدم محتوى موثوقاً، مما يضع عبئاً على المستخدمين في تمييز الحقيقة من التضليل».

وأفادت فليمنق بأن الأمم المتحدة تتابع بقلق تأثير المعلومات المضللة على السلام وحماية البيئة والثقة بالمؤسسات، وأشارت إلى «تراجع الثقة في وسائل الإعلام التقليدية». كما لفتت إلى تأثير الذكاء الاصطناعي، خصوصاً مع وجود أكثر من 7 ملايين مستخدم نشط لتطبيق (تشات جي بي تي)».

وأكدت أن العالم بحاجة إلى حقائق واضحة لبناء الثقة وواقع مشترك يخدم الإنسانية.

جانب من جلسات المنتدى (الشرق الأوسط)

وتسلط النسخة الثالثة من المنتدى، التي تقام على مدار يومين، الضوء على جوهر صناعة الإعلام ومستقبل المهنة في ظل التطورات التكنولوجية المتلاحقة، بمشاركة نخبة من صنّاع الإعلام والخبراء الدوليين، الذين يعرضون رؤاهم وتجاربهم عبر سبع منصات.

كما يناقش المنتدى أبرز القضايا المتعلقة بتطور الإعلام عالمياً، من بينها الذكاء الاصطناعي وأخلاقيات استخدامه، وتكنولوجيا المعلومات، وآليات تطوير الكوادر الإعلامية، بمشاركة متحدثين محليين ودوليين من مستويات رفيعة.

ويرهن مسؤولون بقنوات ومنصات إخبارية دولية صمود وسائل الإعلام التقليدية خلال الأعوام المقبلة بـ«مدى تمسكها بالحقيقة وتقديمها للجمهور في قوالب جاذبة تناسب الأجيال الجديدة».

ولمواجهة تأثير «الذكاء الاصطناعي» و«السوشيال ميديا» اللذين يعتبرهما خبراء إعلام من أبرز التحديات التي تواجه وسائل الإعلام التقليدية، اقترح طارق نور، رئيس مجلس إدارة «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية»، بذل جهود إضافية لتعزيز ما أسماه بـ«المناعة الذاتية» لابتعاد المتلقين عن المعلومات الملفقة والأخبار الكاذبة.

وطالب نور «العاملين في مجال الإعلام بالاهتمام بالعناوين والأفكار المميزة لاجتذاب المشاهدين والمتابعين في ظل هذا التحدي».

فيما أعربت كارولين فرج، نائبة رئيس شبكة «سي إن إن» ورئيسة تحرير «سي إن إن عربية»، عن تفاؤلها بمستقبل الإعلام رغم التحديات الراهنة، مضيفة في الجلسة الحوارية التي أدارها الإعلامي المصري عمرو عبد الحميد أن «الذي سوف يقود الدفة خلال السنوات المقبلة هو (معيار الحقيقة) وهو ما يقدمه الإعلاميون والصحافيون المهنيون بالتأكيد»، مشددة على أن التكنولوجيا مهما بلغ تأثيرها تعد بلا روح وهو ما يحاول العنصر البشري تعويضه.