يفتش كثيرون عن طرق فعالة لفقدان الوزن بشكل سريع، ولكن من دون الإضرار بالصحة أو الوقوع في فخ الحِميات القاسية.
وفي السنوات الأخيرة، برزت مجموعة من الأساليب المدعومة بالعلم، وأثبتت فعاليتها في تحقيق نتائج جيدة لفقدان الوزن، شرط الالتزام بها بطريقة متوازنة.
وفيما يلي أبرز هذه الطرق، مدعومة بأحدث الدراسات، لنمنحك خريطة طريق صحية نحو جسم أخف، وحياة أكثر نشاطاً.
الصيام المتقطع: ليس فقط حِمية بل أسلوب حياة
الصيام المتقطع لم يعد مجرد صيحة غذائية؛ بل تحوَّل إلى نمط حياة يتبناه الملايين.
ويقوم هذا الأسلوب على تحديد أوقات معينة لتناول الطعام وأخرى للصيام، مثل نظام 16/8؛ حيث يتم الأكل خلال 8 ساعات فقط، والصيام بقية اليوم.
وتشير مراجعة بحثية إلى أن الصيام المتقطع يمكن أن يؤدي إلى فقدان بين 1 و8 في المائة من الوزن خلال فترة قصيرة، إضافة إلى تحسين مستويات السكر في الدم، وضغط الدم، ومؤشرات الالتهاب.
لكن المثير أن الدراسات لم تحسم بعد تفوقه الكامل على بقية الأنظمة الغذائية؛ إذ تظهر بحوث أخرى أن النتيجة الأساسية تظل مرتبطة بكمية السعرات الحرارية اليومية المستهلكة، وليس فقط بتوقيت تناولها.
ومع ذلك، فإن الصيام المتقطع يوفر وسيلة عملية لتقليل السعرات دون الحاجة لحسابات معقدة أو حرمان مفرط.
البروتين في الفطور: مفتاح الشبع وخسارة الوزن
أحد أسرار النجاح في الحمية يبدأ من أول وجبة في اليوم. تناول البروتين في وجبة الإفطار لا يمنحك فقط شعوراً بالشبع؛ بل يساعد أيضاً على تنظيم شهيتك لبقية اليوم.
وفي دراسة تبيَّن أن المراهقين الذين تناولوا فطوراً غنياً بالبروتين انخفضت لديهم مستويات الجوع والسعرات المتناولة لاحقاً، مقارنة بمن تخطوا هذه الوجبة، أو تناولوا فطوراً عالي الكربوهيدرات.
والبروتين يساعد كذلك على الحفاظ على الكتلة العضلية خلال فقدان الوزن، ما يضمن أن الوزن المفقود يأتي من الدهون وليس من العضل.
وجبة فطور تحتوي على 25 إلى 30 غراماً من البروتين، مثل: البيض، والزبادي اليوناني، والبقوليات، يمكن أن تكون فارقاً حقيقياً في رحلتك نحو الرشاقة.
تقليل السكر والكربوهيدرات: العودة إلى الطعام الحقيقي
إذا كنت تبحث عن طريقة فعالة وسريعة لتحفيز فقدان الوزن، فإن تقليل السكر والكربوهيدرات المكررة هو خيار لا غنى عنه.
فالمشروبات الغازية، والحلوى، والمعجنات المصنعة، كلها ترفع سكر الدم بسرعة، وتؤدي إلى ارتفاع الإنسولين، وهو ما يعزز تخزين الدهون.
حسب تقرير نشر على «ساينس دايلي»، فإن تقليل الكربوهيدرات -خصوصاً المكررة- لا يساعد فقط على فقدان الوزن؛ بل يمكن أن يؤدي إلى تحسن في مؤشرات الالتهاب وصحة القلب.
لكن لا يُنصح بالحذف الكامل للكربوهيدرات؛ بل يُفضل استبدال أخرى معقدة بها، مثل الحبوب الكاملة، والخضراوات، والبقوليات التي توفر طاقة بطيئة، وتدعم بكتيريا الأمعاء النافعة.
النوم الجيد: الحليف الخفي في حرق الدهون
كثيرون يستهينون بدور النوم في فقدان الوزن، رغم أن تأثيره لا يقل عن الحمية أو الرياضة. فالنوم السيئ يخل بتوازن الهرمونات المسؤولة عن الجوع والشبع، مثل الغريلين واللبتين، ما يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام؛ خصوصاً في الليل.
وأشارت دراسات عدة إلى أن قلة النوم ترتبط بزيادة الشهية نحو الأطعمة الغنية بالدهون والسكر، وكذلك بتباطؤ عملية الأيض. وتحسين جودة النوم، من خلال تقليل التعرض للشاشات مساءً، مع الحفاظ على روتين نوم منتظم، وتوفير بيئة نوم مظلمة وهادئة، يمكن أن يسرِّع من فقدان الوزن، ويعزز الصحة النفسية والجسدية معاً.
دعم بكتيريا الأمعاء: خفض الوزن يبدأ من الداخل
في السنوات الأخيرة، سلَّطت البحوث الضوء على دور الميكروبيوم المعوي -أي البكتيريا النافعة- في الجهاز الهضمي، في تنظيم الوزن. توازن هذه البكتيريا يؤثر على امتصاص المغذيات، والشهية، وحتى الحالة المزاجية.
بعض الدراسات تشير إلى أن الأنظمة الغذائية غير المتوازنة، مثل الحميات منخفضة الكربوهيدرات بشكل مفرط، قد تضر بتنوع البكتيريا النافعة، مثل «Bifidobacterium». أما النظام الغذائي الغني بالألياف، والخضراوات، وأطعمة البروبيوتيك (مثل الزبادي والمخللات الطبيعية)، فيُظهر نتائج واعدة في تعزيز صحة الأمعاء، ومن ثَمَّ المساعدة في فقدان الوزن بطريقة طبيعية وآمنة.
التوازن هو السر
جميع الطرق السابقة فعالة، ولكن النجاح الحقيقي لا يكمن في تطبيقها بشكل متطرف؛ بل في تبنيها كنمط حياة مستدام. لا يوجد حل سحري واحد؛ بل مجموعة من العادات التي تعمل معاً لإعادة ضبط جسمك، ومساعدته على التخلص من الوزن الزائد بطريقة صحية وآمنة.
وقبل اتباع أي من هذه الطرق، لا تنسَ استشارة الطبيب أو اختصاصي التغذية؛ خصوصاً إذا كنت تعاني أمراضاً مزمنة، أو تتناول أدوية بانتظام. تذكَّر أن صحتك أولاً، والنتائج المستدامة أفضل من النتائج السريعة المؤقتة.

